قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: تَرَكْنَا مِنْهَا بَيْتَيْنِ أَقْذَعَ فِيهِمَا.
ذكر مَا فتنت بِهِ قُرَيْش الْمُؤمنِينَ وعذبتهم على الْإِيمَان:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمّ إنّ قُرَيْشًا تَذَامَرُوا بَيْنَهُمْ عَلَى مَنْ فِي الْقَبَائِلِ مِنْهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الّذِينَ أَسْلَمُوا مَعَهُ فَوَثَبَتْ كُلّ قَبِيلَةٍ عَلَى مَنْ فِيهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُعَذّبُونَهُمْ وَيَفْتِنُونَهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَمَنَعَ اللهُ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُمْ بِعَمّهِ أَبِي طَالِبٍ وَقَدْ قَامَ أَبُو طَالِبٍ، حِينَ رَأَى قُرَيْشًا يَصْنَعُونَ مَا يَصْنَعُونَ فِي بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِيّ الْمُطّلِبِ، فَدَعَاهُمْ إلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ مَنْعِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْقِيَامِ دُونَهُ فَاجْتَمَعُوا إلَيْهِ وَقَامُوا مَعَهُ وَأَجَابُوهُ إلَى مَا دَعَاهُمْ إلَيْهِ إلّا مَا كَانَ مِنْ أَبِي لَهَبٍ عَدُوّ الله الملعون.
شعر أبي طَالب فِي مدح قومه لحدبهم عَلَيْهِ:
فَلَمّا رَأَى أَبُو طَالِبٍ مِنْ قَوْمِهِ مَا سَرّهُ فِي جَهْدِهِمْ مَعَهُ وَحَدَبِهِمْ عَلَيْهِ جَعَلَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَنَحْوَ قَوْلِ الْآخَرِ
يَا مَنْ جَفَانِي وَمَلّا ... نَسِيت أَهْلًا وَسَهْلَا
وَمَاتَ مَرْحَبُ لَمّا ... رَأَيْت مَا لِي قَلّا
فَلَمْ يَصْرِفْ مَرْحَبَا، وَسَيَأْتِي فِي هَذَا الْكِتَابِ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ عَلَى هَذَا، وَنَشْرَحُ الْعِلّةَ فِيهِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وَلَوْ رُوِيَ مِنْ رَأْسِ ذِي عَلَقَ الصّخْرُ بِحَذْفِ التّنْوِينِ لِالْتِقَاءِ السّاكِنِينَ لَكَانَ حَسَنًا، كَمَا قُرِئَ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصّمَدُ} بِحَذْفِ التّنْوِينِ مِنْ " أَحَدُ "، وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ وَقَالَ الشّاعِرُ:
حُمَيْدُ الّذِي أَمُجّ دَارَهُ
وَقَالَ آخَرُ
وَلَا ذَاكِرُ اللهِ إلّا قَلِيلَا
وَأَنْشَدَ قَوْلَ أَبِي طَالِبٍ: