قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ كَعْبٍ: فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ عِنْدَ ذَلِكَ يُحَدّثُ النّاسَ وَاَللهِ إنّي لَعِنْدَ وَثَنٍ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيّةِ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ، قَدْ ذَبَحَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ الْعَرَبِ عِجْلًا، فَنَحْنُ نَنْتَظِرُ قَسْمَهُ لِيَقْسِمَ لَنَا مِنْهُ إذْ سَمِعْت مِنْ جَوْفِ الْعِجْلِ صَوْتًا مَا سَمِعْت صَوْتًا قَطّ أَنْفَذَ مِنْهُ وَذَلِكَ قُبَيْلَ الْإِسْلَامِ بِشَهْرِ أَوْ شَيْعِهِ يَقُولُ يَا ذَرِيحُ أَمْرٌ نَجِيحٌ رَجُلٌ يَصِيحُ يَقُول: لَا إلَهَ إلّا اللهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَوْ نَحْوَ هَذَا، وَقَوْلُهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِشَهْرِ أَوْ شَيْعِهِ أَيْ دُونَهُ بِقَلِيلِ وَشَيْعُ كُلّ شَيْءٍ مَا هُوَ تَبَعٌ لَهُ وَهُوَ مِنْ الشّيَاعِ وَهِيَ حَطَبٌ صِغَارٌ تُجْعَلُ مَعَ الْكِبَارِ تَبَعًا لَهَا، وَمِنْهُ الْمُشَيّعَةُ وَهِيَ الشّاةُ تَتْبَعُ الْغَنَمَ لِأَنّهَا دُونَهَا مِنْ الْقُوّةِ.
جُلَيْحٌ وَسَوَادُ بْنُ قَارِبٍ:
وَالصّوْتُ الّذِي سَمِعَهُ عُمَرُ مِنْ الْعِجْلِ يَا جُلَيْحٌ1 سَمِعْت بَعْضَ أَشْيَاخِنَا يَقُولُ هُوَ اسْمُ شَيْطَانٍ وَالْجُلَيْحُ فِي اللّغَةِ مَا تَطَايَرَ مِنْ رُءُوسِ النّبَاتِ وَخَفّ نَحْوَ الْقُطْنِ وَشِبْهِهِ وَالْوَاحِدَةُ جُلَيْحَةٌ وَاَلّذِي وَقَعَ فِي السّيرَةِ يَا ذَرِيحُ وَكَأَنّهُ نِدَاءٌ لِلْعِجْلِ الْمَذْبُوحِ لِقَوْلِهِمْ أَحْمَرُ ذَرِيحِيّ، أَيْ شَدِيدُ الْحُمْرَةِ فَصَارَ وَصْفًا لِلْعِجْلِ الذّبِيحِ مِنْ أَجْلِ الدّمِ وَمَنْ رَوَاهُ يَا جُلَيْحُ فَمَآلُهُ إلَى هَذَا الْمَعْنَى ; لِأَنّ الْعِجْلَ قَدْ جُلِحَ أَيْ كُشِفَ عَنْهُ الْجِلْدُ فَاَللهُ أَعْلَمُ وَهَذَا الرّجُلُ الّذِي كَانَ كَاهِنًا هُوَ سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ الدّوْسِيّ فِي قَوْلِ ابْنِ الْكَلْبِيّ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ سَدُوسِيّ2 وَفِيهِ يَقُولُ الْقَائِلُ:
أَلَا لِلّهِ عِلْمٌ لَا يُجَارَى ... إلَى الْغَايَاتِ فِي جَنْبَيْ سَوَادِ
أَتَيْنَاهُ نُسَائِلُهُ امْتِحَانًا ... فَلَمْ يَبْعَلْ وَأَخْبَرَ بِالسّدَادِ
وَهَذَانِ الْبَيْتَانِ فِي شِعْرٍ وَخَبَرٍ ذَكَرَهُ أَبُو عَلِيّ الْقَالِي فِي أَمَالِيهِ وَرَوَى غَيْرُ ابْنِ