قَالَ: فَجَعَلَ وَرَقَةُ يَسْتَبْطِئُ الْأَمْرَ وَيَقُولُ حَتّى مَتَى؟ فَقَالَ وَرَقَةُ فِي ذَلِكَ:

لَجِجْت وَكُنْت فِي الذّكْرَى لَجُوجًا ... لِهَمّ طَالَمَا بَعَثَ النّشِيجَا

وَوَصْفٍ مِنْ خَدِيجَةَ بَعْدَ وَصْفٍ ... فَقَدْ طَالَ انْتِظَارِي يَا خَدِيجَا

بِبَطْنِ الْمَكّتَيْنِ عَلَى رَجَائِي ... حَدِيثَك أَنْ أَرَى مِنْهُ خُرُوجَا

بِمَا خَبّرْتنَا مِنْ قَوْلِ قَسّ ... مِنْ الرّهْبَانِ أَكْرَهُ أَنْ يَعُوجَا

بِأَنّ مُحَمّدًا سَيَسُودُ فِينَا ... وَيَخْصِمُ مَنْ يَكُونُ لَهُ حَجِيجًا

ـــــــــــــــــــــــــــــ

بِبَطْنِ الْمَكّتَيْنِ عَلَى رَجَائِي ... حَدِيثُك أَنْ أَرَى مِنْهُ خُرُوجَا

ثَنّى مَكّةَ، وَهِيَ وَاحِدَةٌ لِأَنّ لَهَا بِطَاحًا وَظَوَاهِرَ وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ أَهْلِ الْبِطَاحِ، وَمِنْ أَهْلِ الظّوَاهِرِ فِيمَا قَبْلُ عَلَى أَنّ لِلْعَرَبِ مَذْهَبًا فِي أَشْعَارِهَا فِي تَثْنِيَةِ الْبُقْعَةِ الْوَاحِدَةِ وَجَمْعِهَا نَحْوَ قَوْلِهِ وَمَيّتٌ بِغَزّاتِ. يُرِيدُ بِغَزّةَ وَبِغَادَيْنِ فِي بَغْدَادَ، وَأَمّا التّثْنِيَةُ فَكَثِيرٌ نَحْوَ قَوْلِهِ:

بِالرّقْمَتَيْنِ لَهُ أَجْرٍ وَأَعْرَاسُ ... وَالْحَمّتَيْنِ سَقَاك اللهُ مِنْ دَارِ1

وَقَوْلُ زُهَيْرٍ: وَدَارٌ لَهَا بِالرّقْمَتَيْنِ. وَقَوْلُ وَرَقَةَ مِنْ هَذَا: بِبَطْنِ الْمَكّتَيْنِ. لَا2 مَعْنَى لِإِدْخَالِ الظّوَاهِرِ تَحْتَ هَذَا اللّفْظِ وَقَدْ أَضَافَ إلَيْهَا الْبَطْنَ كَمَا أَضَافَهُ الْمُبْرِقُ حِينَ قَالَ:

بِبَطْنِ مَكّةَ مَقْهُورٌ وَمَفْتُونٌ

وَإِنّمَا يَقْصِدُ الْعَرَبُ فِي هَذَا الْإِشَارَةَ إلَى جَانِبَيْ كُلّ بَلْدَةٍ أَوْ الْإِشَارَةَ إلَى أَعْلَى الْبَلْدَةِ وَأَسْفَلِهَا، فَيَجْعَلُونَهَا اثْنَيْنِ عَلَى هَذَا الْمَغْزَى، وَقَدْ قَالُوا: صِدْنَا بِقَنَوَيْنِ3 وَهُوَ قَنَا اسْمُ جَبَلٍ وَقَالَ عَنْتَرَةُ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015