وَقَالَ لَبِيدُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ:
أَبْلِغْ - إنْ عَرَضْت - بَنِي كِلَابٍ ... وَعَامِرَ وَالْخُطُوبَ لَهَا مَوَالِي
وَبَلّغْ إنْ عَرَضْت بَنِي نُمَيْرٍ ... وَأَخْوَالَ الْقَتِيلِ بَنِي هِلَالِ
بِأَنّ الْوَافِدَ الرّحّالَ أَمْسَى ... مُقِيمًا عِنْدَ تَيْمِنَ ذِي طَلَالَا
وَهَذِهِ الْأَبْيَاتُ فِي أَبْيَاتٍ لَهُ فِيمَا ذَكَرَ ابْن هِشَام.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إسْحَاقَ هَاهُنَا لِلضّرُورَةِ.
مَنْعُ تَنْوِينِ الْعَلَمِ:
وَقَوْلُ الْبَرّاضِ رَفَعْت لَهُ بِذِي طَلّالَ كَفّي. فَلَمْ يَصْرِفْهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَعَلَهُ اسْمَ بُقْعَةٍ فَتَرَكَ إجْرَاءَ الِاسْمِ لِلتّأْنِيثِ وَالتّعْرِيفِ فَإِنْ قُلْت: كَانَ يَجِبُ أَنْ يَقُولَ بِذَاتِ طَلّالَ، أَيْ ذَاتِ هَذَا الِاسْمِ لِلْمُؤَنّثِ كَمَا قَالُوا: ذُو عَمْرٍو أَيْ صَاحِبُ هَذَا الِاسْمِ وَلَوْ كَانَتْ أُنْثَى، لَقَالُوا: ذَاتُ هَذَا، فَالْجَوَابُ أَنّ قَوْلَهُ بِذِي يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَصْفًا لِطَرِيقِ أَوْ جَانِبٍ مُضَافٍ إلَى طَلّالَ اسْمِ الْبُقْعَةِ. وَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا كُلّهِ أَنْ يَكُونَ طَلّالُ اسْمًا مُذّكّرًا عَلَمًا، وَالِاسْمُ الْعَلَمُ يَجُوزُ تَرْكُ صَرْفِهِ فِي الشّعْرِ كَثِيرًا، وَسَيَأْتِي فِي هَذَا الْكِتَابُ مِنْ الشّوَاهِدِ عَلَيْهِ مَا يَدُلّك عَلَى كَثْرَتِهِ فِي الْكَلَامِ وَنُؤَخّرُ الْقَوْلَ فِي كَشْفِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِيضَاحِهَا إلَى أَنْ تَأْتِيَ تِلْكَ الشّوَاهِدُ - إنْ شَاءَ اللهُ - وَوَقَعَ فِي شِعْرِ الْبَرّاضِ مُشَدّدًا، وَفِي شِعْرِ لَبِيَدٍ الّذِي بَعْدَ هَذَا مُخَفّفًا، وَقُلْنَا: إنّ لَبِيدًا خَفّفَهُ لِلضّرُورَةِ وَلَمْ يَقُلْ إنّهُ شُدّدَ لِلضّرُورَةِ وَإِنّ الْأَصْلَ فِيهِ التّخْفِيفُ لِأَنّهُ فَعّالٌ مِنْ الطّلّ كَأَنّهُ مَوْضِعٌ يَكْثُرُ فِيهِ الطّلّ، فَطَلَالُ بِالتّخْفِيفِ لَا مَعْنَى لَهُ وَأَيْضًا ; فَإِنّا وَجَدْنَاهُ فِي الْكَلَامِ الْمَنْثُورِ مُشَدّدًا، وَكَذَلِكَ تُقَيّدُ فِي كَلَامِ ابْنِ إسْحَاقَ هَذَا فِي أَصْلِ الشّيْخِ أَبِي بَحْرٍ1.