وَانْصَرَفَ النّاسُ إلَيْهَا لِمَكَانِهَا مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ; وَلِفَضْلِهَا عَلَى مَا سِوَاهَا مِنْ الْمِيَاهِ وَلِأَنّهَا بِئْرُ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا السّلَامُ وَافْتَخَرَتْ بِهَا بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ عَلَى قُرَيْشٍ كُلّهَا، وَعَلَى سَائِرِ الْعَرَبِ، فَقَالَ مُسَافِرُ بْنُ أَبِي عَمْرِو بْنِ أُمَيّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَهُوَ يَفْخَرُ عَلَى قُرَيْشٍ بِمَا وُلّوا عَلَيْهِمْ مِنْ السّقَايَةِ وَالرّفَادَةِ وَمَا أَقَامُوا لِلنّاسِ مِنْ ذَلِكَ وَبِزَمْزَمَ حِينَ ظَهَرَتْ لَهُمْ وَإِنّمَا كَانَ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ أَهْلُ بَيْتٍ وَاحِدٍ شَرَفُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضِ شَرَفٌ وَفَضْلُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضِ فَضْلٌ:

وَرِثْنَا الْمَجْدَ مِنْ آبَا ... ئِنَا فَنَمَى بِنَا صُعُدَا

ـــــــــــــــــــــــــــــ

نَحْنُ وَهَبْنَا لِعَدِيّ سَجْلَهْ ... تُرْوِي الْحَجِيجَ زُغْلَةً فَزُغْلَهْ

وَأَمّا أُمّ أَحْرَادٍ الّتِي ذَكَرَهَا، فَأَحْرَادٌ جَمْعُ: حِرْدٍ وَهِيَ قِطْعَةٌ مِنْ السّنَامِ فَكَأَنّهَا سُمّيَتْ بِهَذَا، لِأَنّهَا تُنْبِتُ الشّحْمَ أَوْ تُسَمّنُ الْإِبِلَ أَوْ نَحْوَ هَذَا وَالْحِرْدُ الْقَطَا1 الْوَارِدَةُ لِلْمَاءِ فَكَأَنّهَا تَرِدُهَا الْقَطَا وَالطّيْرُ فَيَكُونُ أَحْرَادٌ جَمْعَ: حُرْدٍ بِالضّمّ عَلَى هَذَا. وَقَالَتْ أُمَيّةُ بِنْتُ عُمَيْلَةَ بْنِ السّبّاقِ بْنِ عَبْدِ الدّارِ امْرَأَةُ الْعَوّامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ حِينَ حَفَرَتْ بَنُو عَبْدِ الدّارِ أُمّ أَحْرَادٍ:

نَحْنُ حَفَرْنَا الْبَحْرَ أُمّ أَحْرَادِ ... لَيْسَتْ كَبَذّرَ الْبُرُورِ الْجَمَادِ

فَأَجَابَتْهَا ضَرّتُهَا: صَفِيّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ أُمّ الزّبَيْرِ بْنِ الْعَوّامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:

نَحْنُ حَفَرْنَا بَذّرْ ... نَسْقِي الْحَجِيجَ الْأَكْبَرْ

مِنْ مُقْبِلٍ وَمُدْبِرْ ... وَأُمّ أَحْرَادَ شَرْ

وَأَمّا جُرَابٌ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى: جَرِيبٍ2 نَحْوُ كُبَارٍ وَكَبِيرٍ وَالْجَرِيبُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015