بكة لُغَة:

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ:

أَنّ بَكّةَ اسْمٌ لِبَطْنِ مَكّةَ، لِأَنّهُمْ يَتَبَاكَوْنَ فِيهَا، أَيْ يَزْدَحِمُونَ وَأَنْشَدَنِي:

إذَا الشّرِيبُ أَخَذَتْهُ أَكّهْ1 ... فَخَلّهِ حَتّى يَبُكّ بَكّهْ

أَيْ فَدَعْهُ حَتّى يَبُكّ إبِلَهُ أَيْ يُخَلّيَهَا إلَى الْمَاءِ فَتَزْدَحِمَ عَلَيْهِ. وَهُوَ مَوْضِعُ الْبَيْتِ وَالْمَسْجِدِ. وَهَذَانِ الْبَيْتَانِ لِعَامَانَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَخَرَجَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ بْنِ مُضَاضٍ الْجُرْهُمِيّ بِغَزَالَيْ الْكَعْبَةِ وَبِحَجَرِ الرّكْنِ فَدَفَنَهُمَا فِي زَمْزَمَ، وَانْطَلَقَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ جُرْهُمَ إلَى الْيَمَنِ، فَحَزِنُوا عَلَى مَا فَارَقُوا مِنْ أَمْرِ مَكّةَ وَمُلْكِهَا حُزْنًا شَدِيدًا، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ بْنِ مُضَاضٍ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ بِمُضَاضٍ الْأَكْبَرِ:

ـــــــــــــــــــــــــــــ

فَكَانَتْ الدّوْلَةُ لِبَنِي حَارِثَةَ عَلَيْهِمْ وَاعْتَزَلَتْ بَنُو إسْمَاعِيلَ، فَلَمْ تَكُنْ مَعَ أَحَدٍ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَتْ خُزَاعَةُ - وَهُمْ بَنُو حَارِثَةَ - مَكّةَ، وَصَارَتْ وِلَايَةُ الْبَيْتِ لَهُمْ وَكَانَ رَئِيسُهُمْ عَمْرَو بْنَ لُحَيّ الّذِي تَقَدّمَ ذِكْرُهُ قَبْلُ فَشَرّدَ بَقِيّةَ جُرْهُمٍ، فَسَارَ فَلّهُمْ فِي الْبِلَادِ وَسُلّطَ عَلَيْهِمْ الذّرّ وَالرّعَافُ2 وَأَهْلَكَ بَقِيّتَهُمْ السّيْلُ بِإِضَمَ حَتّى كَانَ آخِرَهُمْ مَوْتًا امْرَأَةٌ رِيئَتْ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ بَعْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْهَا بِزَمَانِ فَعَجِبُوا مِنْ طُولِهَا وَعِظَمِ خِلْقَتِهَا، حَتّى قَالَ لَهَا قَائِلٌ أَجِنّيّةٌ أَنْتِ أَمْ إنْسِيّةٌ؟ فَقَالَتْ بَلْ إنْسِيّةٌ مِنْ جُرْهُمٍ، وَأَنْشَدَتْ رَجَزًا فِي مَعْنَى حَدِيثِهِمْ وَاسْتَكْرَتْ بَعِيرًا مِنْ رَجُلَيْنِ مِنْ جُهَيْنَةَ، فَاحْتَمَلَاهَا عَلَى الْبَعِيرِ إلَى أَرْضِ خَيْبَر، فَلَمّا أَنْزَلَاهَا بِالْمَنْزِلِ الّذِي رَسَمَتْ لَهُمَا، سَأَلَاهَا عَنْ الْمَاءِ فَأَشَارَتْ لَهُمَا إلَى مَوْضِعِ الْمَاءِ فَوَلّيَا عَنْهَا، وَإِذَا الذّرّ قَدْ تَعَلّقَ بِهَا، حَتّى بَلَغَ خَيَاشِيمَهَا وَعَيْنَيْهَا، وَهِيَ تُنَادِي بِالْوَيْلِ وَالثّبُورِ حَتّى دَخَلَ حَلْقَهَا، وَسَقَطَتْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015