وَبَعَثَ اللهُ تَعَالَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السّلَامُ، فَهَمَزَ لَهُ بِعَقِبِهِ فِي الْأَرْضِ، فَظَهَرَ الْمَاءُ، وَسَمِعَتْ أُمّهُ أَصْوَاتَ السّبَاعِ فَخَافَتْهَا عَلَيْهِ، فَجَاءَتْ تَشْتَدّ نَحْوَهُ، فَوَجَدَتْهُ يَفْحَصُ بِيَدِهِ عَنْ الْمَاءِ تَحْتِ خَدّهِ وَيَشْرَبُ، فَجَعَلَتْهُ حِسْيًا.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وَفِي حَدِيثِ يَوْمِ أُحُدٍ: نَظَرْت إلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَيْنَاهُ تُزْهِرَانِ تَحْتَ الْمِغْفَرِ.

زَمْزَمُ:

وَذَكَرَ فِيهِ خَبَرَ إسْمَاعِيلَ وَأُمّهِ وَقَدْ تَقَدّمَ طَرَفٌ مِنْهُ. وَذَكَرَ أَنّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السّلَامُ - هَمَزَ بِعَقِبِهِ فِي مَوْضِعِ زَمْزَمَ، فَنَبَعَ الْمَاءُ وَكَذَلِك زَمْزَمُ تَسَمّى: هَمْزَةَ جِبْرِيلَ بِتَقْدِيمِ الْمِيمِ عَلَى الزّايِ وَيُقَالُ فِيهَا أَيْضًا: هَزْمَةُ جِبْرِيلَ لِأَنّهَا هَزْمَةٌ1 فِي الْأَرْضِ وَحُكِيَ فِي اسْمِهَا: زُمَازِمُ وَزَمْزَمُ. حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ الْمُطْرِزِ وَتُسَمّى أَيْضًا: طَعَامُ طُعْمٍ وَشِفَاءُ سُقْمٍ. وَقَالَ الْجُرْبِيّ: سُمّيَتْ زَمْزَمَ، بِزَمْزَمَةِ الْمَاءِ وَهِيَ صَوْتُهُ وَقَالَ الْمَسْعُودِيّ: سُمّيَتْ زَمْزَمَ ; لِأَنّ الْفَرَسَ كَانَتْ تَحُجّ إلَيْهَا فِي الزّمَنِ الْأَوّلِ فَزَمْزَمَتْ عَلَيْهَا. وَالزّمْزَمَةُ صَوْتٌ يُخْرِجُهُ الْفَرَسُ مِنْ خَيَاشِيمِهَا عِنْدَ شُرْبِ الْمَاءِ. وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - إلَى عُمّالِهِ أَنْ انْهَوْا الْفَرَسَ عَنْ الزّمْزَمَةِ وَأَنْشَدَ الْمَسْعُودِيّ:

زَمْزَمَتْ الْفَرَسُ عَلَى زَمْزَمَ ... وَذَاكَ فِي سَالِفِهَا الْأَقْدَمِ2

وَذَكَرَ الْبَرْقِيّ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَنّهَا سُمّيَتْ زَمْزَمَ لِأَنّهَا زُمّتْ بِالتّرَابِ لِئَلّا يَأْخُذَ الْمَاءُ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَلَوْ تُرِكَتْ لَسَاحَتْ عَلَى الْأَرْضِ حَتّى تَمْلَأَ كُلّ شَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَالزّمْزَمَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ: الْكَثْرَةُ وَالِاجْتِمَاعُ قَالَ الشّاعِرُ:

وَبَاشَرَتْ مَعْطَنَهَا الْمُدَهْثَمَا ... وَيَمّمَتْ زُمْزُومَهَا الْمُزَمْزِمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015