قَالَ وَأَخَذَهَا النّاسُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فَإِنّمَا هِيَ فِي أَفْوَاهِهِمْ قَالَ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ عُمَرُ وَاَللهِ مَا هُوَ إلّا أَنْ سَمِعْت أَبَا بَكْرٍ تَلَاهَا، فَعَقَرْت حَتّى وَقَعْت إلَى الْأَرْضِ مَا تَحْمِلُنِي رِجْلَايَ وَعَرَفْت أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَاتَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَخَلّفَ فِيكُمْ كِتَابَهُ وَسُنّةَ نَبِيّهِ فَمَنْ أَخَذَ بِهِمَا عَرَفَ وَمَنْ فَرّقَ بَيْنَهُمَا أَنْكَرَ {يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوّامِينَ بِالْقِسْطِ} [النّسَاءُ:135] وَلَا يَشْغَلَنّكُمْ الشّيْطَانُ بِمَوْتِ نَبِيّكُمْ وَلَا يَلْفِتَنّكُمْ عَنْ دِينِكُمْ وَعَاجِلُوا الشّيْطَانَ بِالْخِزْيِ تُعْجِزُوهُ وَلَا تَسْتَنْظِرُوهُ فَيَلْحَقَ بِكَمْ. فَلَمّا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ قَالَ يَا عُمَرُ أَأَنْتَ الّذِي بَلَغَنِي عَنْك أَنّك تَقُولُ عَلَى بَابِ نَبِيّ اللهِ وَاَلّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ مَا مَاتَ نَبِيّ اللهِ أَمّا عَلِمْت أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ كَذَا: كَذَا، وَكَذَا، وَقَالَ اللهُ عَزّ وَجَلّ فِي كِتَابِهِ {إِنّكَ مَيّتٌ وَإِنّهُمْ مَيّتُونَ} [الزّمَرُ:30] فَقَالَ عُمَرُ وَاَللهِ لَكَأَنّي لَمْ أَسْمَعْ بِهَا فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى قَبْلَ الْآنَ لَمَا نَزَلَ بِنَا، أَشْهَدُ أَنّ الْكِتَابَ كَمَا نَزَلَ وَأَنّ الْحَدِيثَ كَمَا حُدّثَ وَأَنّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيّ لَا يَمُوتُ إنّا لِلّهِ وَإِنّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَى رَسُولِهِ وَعِنْدَ اللهِ نَحْتَسِبُ رَسُولَهُ.
وَقَالَ عُمَرُ فِيمَا كَانَ مِنْهُ
لَعَمْرِي لَقَدْ أَيْقَنْت أَنّك مَيّتٌ ... وَلَكِنّمَا أَبْدَى الّذِي قُلْته الْجَزَعْ
وَقُلْت يَغِيبُ الْوَحْيُ عَنّا لِفَقْدِهِ ... كَمَا غَابَ مُوسَى، ثُمّ يَرْجِعْ كَمَا رَجَعَ
وَكَانَ هَوَايَ أَنْ تَطُولَ حَيَاتُهُ ... وَلَيْسَ لِحَيّ فِي بَقَا مَيّتٍ طَمَعْ
فَلَمّا كَشَفْنَا الْبُرْدَ عَنْ حُرّ وَجْهِهِ ... إذَا الْأَمْرُ بِالْجَزَعِ الْمُوهِبِ قَدْ وَقَعْ
فَلَمْ تَكُ لِي عِنْدَ الْمُصِيبَةِ حِيلَةٌ ... أَرُدّ بِهَا أَهْلَ الشّمَاتَةِ وَالْقَذَعْ
سِوَى آذَنَ اللهُ فِي كِتَابِهِ ... وَمَا آذَنَ اللهُ الْعِبَادَ بِهِ يَقَعْ
وَقَدْ قَلّتْ مِنْ بَعْدِ الْمَقَالَةِ قَوْلَةً ... لَهَا فِي حُلُوقِ الشّامِتِينَ بِهِ بَشَعْ