خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيّئًا عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التَّوْبَة:102]
إسْلَامُ بَعْضِ بَنِي هَدَلٍ:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ:
ثُمّ إنّ ثَعْلَبَةَ بْنَ سَعْيَةَ، وَأُسَيْدَ بْنَ سَعْيَةَ، وَأَسَدَ بْنَ عُبَيْدٍ، وَهُمْ نَفَرٌ مِنْ بَنِي هَدَلٍ لَيْسُوا مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ وَلَا النّضِيرِ نَسَبُهُمْ فَوْقَ ذَلِكَ هُمْ بَنُو عَمّ الْقَوْمِ أَسْلَمُوا تِلْكَ اللّيْلَةَ الّتِي نَزَلَتْ فِيهَا بَنُو قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
عَمْرُو بْنُ سُعْدَى
وَخَرَجَ فِي تِلْكَ اللّيْلَةِ عَمْرُو بْنُ سُعْدَى الْقُرَظِيّ، فَمَرّ بِحَرَسِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ مُحَمّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ تِلْكَ اللّيْلَةَ فَلَمّا رَآهُ قَالَ مَنْ هَذَا؟ قَالَ أَنَا عَمْرُو بْنُ سُعْدَى - وَكَانَ عَمْرٌو قَدْ أَبَى أَنْ يَدْخُلَ مَعَ بَنِي قُرَيْظَةَ فِي غَدْرِهِمْ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَا أَغْدِرُ بِمُحَمّدِ أَبَدًا - فَقَالَ مُحَمّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ حِينَ عَرَفَهُ اللهُمّ لَا تَحْرِمْنِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْوَاجِبُ دُونَ التّرَجّي الّذِي هُوَ مُحَالٌ عَلَى اللهِ تَعَالَى وَمَصْرُوفٌ إلَى الْعَبْدِ وَلَيْسَ فِي لَعَلّ مِنْ تَضَمّنِ الْخَبَرِ مِثْلُ مَا فِي عَسَى، فَمِنْ ثَمّ كَانَتْ عَسَى وَاجِبَةً إذَا تَكَلّمَ اللهُ بِهَا، وَلَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ لَعَلّ.
فَإِنْ قِيلَ فَهَلْ يَجُوزُ فِي لَيْتَ مَا كَانَ فِي لَعَلّ مِنْ وُرُودِهَا فِي كَلَامِ الْبَارِي سُبْحَانَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ التّمَنّي مَصْرُوفًا إلَى الْعَبْدِ كَمَا كَانَ التّرَجّي فِي لَعَلّ كَذَلِكَ؟
قُلْنَا: هَذَا غَيْرُ جَائِزٍ وَإِنّمَا جَازَ ذَلِكَ فِي لَعَلّ عَلَى شَرْطٍ وَصُورَةٍ نَحْوَ أَنْ يَكُونَ قَبْلَهَا فِعْلٌ وَبَعْدَهَا فِعْلٌ وَالْأَوّلُ سَبَبٌ لِلثّانِي نَحْوَ قَوْلِهِ {يَعِظُكُمْ لَعَلّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النَّحْل: من الْآيَة90] فَقَالَ بَعْضُ النّاسِ لَعَلّ هَاهُنَا بِمَعْنَى كَيْ أَيْ كَيْ تَذْكُرُوهُ وَأَنَا أَقُولُ لَمْ يَذْهَبْ مِنْهَا مَعْنَى التّرَجّي، لِأَنّ الْمَوْعِظَةَ مِمّا يُرْجَى أَنْ تَكُونَ سَبَبًا لِلتّذَكّرِ فَعَلَى هَذِهِ الصّورَةِ وَرَدَتْ فِي الْقُرْآنِ وَنَحْوَ قَوْلِهِ أَيْضًا: {فَلَعَلّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ} [هُودٌ:12] هِيَ هَاهُنَا تَوَقّعٌ