. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حُرُوفِ الْجَرّ سِوَى اللّامِ وَالْكَافِ أَمّا اللّامُ فَلِأَنّهَا تُعْطِي بِنَفْسِهَا مَعْنَى الْإِضَافَةِ فَلَمْ تُغَيّرْ مَعْنَاهَا، وَكَذَلِكَ الْكَافُ تُعْطِي مَعْنَى التّشْبِيهِ فَأُقْحِمَتْ لِتَأْكِيدِ مَعْنَى الْمُمَاثَلَةِ غَيْرَ أَنّ دُخُولَ مِثْلٍ عَلَيْهَا كَمَا فِي بَيْتِ رُؤْبَةَ قَبِيحٌ وَدُخُولُهَا عَلَى مِثْلٍ كَمَا فِي الْقُرْآنِ أَحْسَنُ شَيْءٍ لِأَنّهَا حَرْفُ جَرّ تَعْمَلُ فِي الِاسْمِ وَالِاسْمُ لَا يَعْمَلُ فِيهَا، فَلَا يَتَقَدّمُ عَلَيْهَا إلّا أَنْ يُقْحِمَهَا كَمَا أُقْحِمَتْ اللّامُ.
وَأَنْشَدَ شَاهِدًا عَلَى الْعَصِيفَةِ قَوْلَ عَلْقَمَةَ، وَآخِرَهُ:
حدورها مِنْ أَتِيّ الْمَاءِ مَطْمُومِ.
وَهَذَا الْبَيْتُ أَنْشَدَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي النّبَاتِ جُدُورُهَا: هُوَ جَمْعُ جَدْرٍ بِالْجِيمِ وَهِيَ الْحَوَاجِزُ الّتِي تَحْبِسُ الْمَاءَ وَيُقَالُ لِلْجَدْرِ حُبّاسٌ1 أَيْضًا: وَفِي الْحَدِيثِ "أَمْسِكْ الْمَاءَ حَتّى يَبْلُغَ الْجَدْرَ ثُمّ أَرْسِلْهُ". وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُهُ رِوَايَةَ الْجِيمِ وَقَالَ إنّمَا قَالَ جُدُورُهَا مِنْ أَتِيّ الْمَاءِ مَطْمُومُ. وَأَفْرَدَ الْخَبَرَ، لِأَنّهُ رَدّهُ عَلَى كُلّ وَاحِدٍ مِنْ الْجَدْرِ كَمَا قَالَ الْآخَرُ:
تَرَى جَوَانِبَهَا بِالشّحْمِ مَفْتُوقَا
أَيْ: تَرَى كُلّ جَانِبٍ فِيهَا.
فَصْلٌ:
وَيُقَالُ لِلْعَصِيفَةِ أَيْضًا: أَذَنَةٌ2 وَلَمّا تُحِيطُ بِهِ الْجُدُورُ الّتِي تُمْسِكُ الْمَاءَ دَبْرَةَ وَحِبْسَ وَمَشَارَةَ وَلِمَفْتَحِ الْمَاءِ مِنْهَا: آغِيَةٌ بِالتّخْفِيفِ وَالتّثْقِيلِ [أَوْ أُتِيّ] .