وَلَا مُتَرَهّبٌ فِي أُسْطُوَانٍ ... يُنَاطِحُ جُدُرَهُ بَيْضِ الْأَنُوقِ
وَغُمْدَانُ الّذِي حُدّثْت عَنْهُ ... بَنَوْهُ مُسَمّكًا فِي رَأْسِ نِيقِ
بِمَنْهَمَةِ وَأَسْفَلَهُ جُرُونُ ... وَحُرّ الْمَوْحَلِ اللّثِقِ الزّلِيقِ
مَصَابِيحُ السّلِيطِ تَلُوحُ فِيهِ ... إذَا يُمْسِي كَتَوْمَاضِ الْبُرُوقِ
وَنَخْلَتُهُ الّتِي غُرِسَتْ إلَيْهِ ... يَكَادُ الْبُسْرُ يَهْصِرُ بِالْعُذُوقِ
فَأَصْبَحَ بَعْدَ جِدّتِهِ رَمَادًا ... وَغَيّرَ حُسْنَهُ لَهَبُ الْحَرِيقِ
وَأَسْلَمَ ذُو نُوَاسٍ مُسْتَكِينًا ... وَحَذّرَ قَوْمَهُ ضَنْكَ الْمَضِيقِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَيْ: لَوْ شَرِبَ كُلّ دَوَاءٍ يُسْتَشْفَى بِهِ وَتَنَشّقَ كُلّ نَشُوقٍ يُجْعَلُ فِي الْأَنْفِ لِلتّدَاوِي بِهِ مَا نَهَى ذَلِكَ الْمَوْتُ عَنْهُ.
وَقَوْلُهُ: وَلَا مُتَرَهّبٌ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَفَعَهُ عَطْفًا عَلَى نَاهٍ أَيْ لَا يَرُدّ الْمَوْتَ نَاهٍ وَلَا مُتَرَهّبٌ. أَيْ دُعَاءُ مُتَرَهّبٍ يَدْعُو لَك، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَرَهّبٌ رَفْعًا عَلَى مَعْنَى: وَلَا يَنْجُو مِنْهُ مُتَرَهّبٌ. كَمَا قَالَ:
تَاللهِ يَبْقَى عَلَى الْأَيّامِ ذُو حِيَدٍ 1.
الْبَيْتُ. وَالْأُسْطُوَانُ: أُفْعُوَالٌ. النّونُ أَصْلِيّةٌ، لِأَنّ جَمْعَهُ أَسَاطِينُ وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ أَفَاعِينُ. وَقَوْلُهُ:
يُنَاطِحُ جُدْرَهُ بَيْضُ الْأَنُوقِ
جُدْرُهُ: جَمْعُ جِدَارٍ وَهُوَ مُخَفّفٌ مِنْ جُدُورٍ وَفِي التّنْزِيلِ {أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ} [الْحَشْر: 14] تُقَيّدُ بِضَمّ الْجِيمِ وَالْجَدْرُ أَيْضًا بِفَتْحِ الْجِيمِ الْحَائِطُ، وَلَكِنّ الرّوَايَةَ فِي "الْكِتَابِ" هَكَذَا كَمَا ذَكَرْنَا. وَالْأَنُوقُ الْأُنْثَى مِنْ الرّخَمِ2! يُقَالُ فِي الْمَثَلِ أَعَزّ مِنْ بَيْضِ الْأَنُوقِ إذَا أَرَادَ مَا لَا يُوجَدُ لِأَنّهَا تَبْيَضّ حَيْثُ لَا يُدْرَكُ بِيضُهَا