الْإِنْجِيلِ وَحُكْمِهِ - ثُمّ أَصَابَهُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ أَهْلَ دِينِهِمْ مِنْ الْأَحْدَاثِ فَمِنْ هُنَالِكَ كَانَ أَصْلُ النّصْرَانِيّةِ بِنَجْرَانَ وَاَللهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
اُسْتُجِيبَ لِلْعَبْدِ غَيْرَ أَنّ الِاسْتِجَابَةَ تَنْقَسِمُ كَمَا قَالَ - عَلَيْهِ السّلَامُ - إمّا أَنْ يُعَجّلَ لَهُ مَا سَأَلَ وَإِمّا أَنْ يَدّخِرَ لَهُ وَذَلِكَ خَيْرٌ مِمّا طَلَبَ وَإِمّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ الْبَلَاءِ بِقَدْرِ مَا سَأَلَ مِنْ الْخَيْرِ1 وَأَمّا دُعَاءُ النّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأُمّتِهِ أَلّا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ2 فَمَنَعَهَا، فَقَدْ أُعْطِيَ عِوَضًا لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ الشّفَاعَةِ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَقَدْ قَالَ "أُمّتِي هَذِهِ أُمّةٌ مَرْحُومَةٌ لَيْسَ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَذَابُهَا فِي الدّنْيَا: الزّلَازِلُ وَالْفِتَنُ خَرّجَهُ أَبُو دَاوُدَ3، فَإِذَا كَانَتْ الْفِتَنُ سَبَبًا لِصَرْفِ عَذَابِ الْآخِرَةِ عَنْ الْأُمّةِ فَمَا خَابَ دُعَاؤُهُ لَهُمْ. عَلَى أَنّنِي تَأَمّلْت هَذَا الْحَدِيثَ وَتَأَمّلْت حَدِيثَهُ الْآخَرَ" حِينَ نَزَلَتْ {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} [الْأَنْعَامُ 65] . فَقَالَ أَعُوذُ بِوَجْهِك. فَلَمّا سَمِعَ {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الْأَنْعَام: 65] قَالَ أَعُوذُ بِوَجْهِك، فَلَمّا سَمِعَ {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} [الْأَنْعَام: 65] قَالَ هَذِهِ أَهْوَنُ4.
فَمِنْ هَاهُنَا - وَاَللهُ أَعْلَمُ - أُعِيذَتْ أُمّتُهُ مِنْ الْأُولَى وَالثّانِيَةِ وَمُنِعَ الثّالِثَةُ حِينَ سَأَلَهَا بَعْدُ. وَقَدْ عَرَضْت هَذَا الْكَلَامَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ فُقَهَاءِ زَمَانِنَا، فَقَالَ هَذَا حَسَنٌ جِدّا، غَيْرَ أَنّا لَا نَدْرِي: أَكَانَتْ مَسْأَلَتُهُ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ أَمْ لَا؟ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ فَأَخْلِقْ بِهَذَا النّظَرِ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا. قُلْت لَهُ أَلَيْسَ فِي الْمُوَطّأِ أَنّهُ دَعَا بِهَا فِي مَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ وَهُوَ فِي الْمَدِينَةِ، وَلَا خِلَافَ أَنّ سُورَةَ الْأَنْعَامِ مَكّيّةٌ؟ فَقَالَ نَعَمْ وَسَلّمَ وَأَذْعَنَ لِلْحَقّ وَأَقَرّ بِهِ. رَحِمَهُ اللهُ.