تُرَابٍ بِتِلْكَ الْقُدْرَةِ مِنْ غَيْرِ أُنْثَى وَلَا ذَكَرٍ فَكَانَ كَمَا كَانَ عِيسَى لَحْمًا وَدَمًا، وَشَعْرًا وَبَشَرًا، فَلَيْسَ خَلْقُ عِيسَى مِنْ غَيْرِ ذَكَرٍ بِأَعْجَبَ مِنْ هَذَا. {فَمَنْ حَاجّك فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَك مِنْ الْعِلْمِ} أَيْ مِنْ بَعْدِ مَا قَصَصْت عَلَيْك مِنْ خَبَرِهِ وَكَيْفَ كَانَ أَمْرُهُ {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمرَان: 53-61]
تَفْسِيرُ ابْنِ هِشَامٍ لِبَعْضِ الْغَرِيبِ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ نَبْتَهِلُ نَدْعُو بِاللّعْنَةِ قَالَ أَعْشَى بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ:
لَا تَقْعُدَن وَقَدْ أَكّلْتهَا حَطَبًا ... نَعُوذُ مِنْ شَرّهَا يَوْمًا وَنَبْتَهِلُ
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ. يَقُولُ نَدْعُو بِاللّعْنَةِ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: بَهَلَ اللهُ فُلَانًا، أَيْ لَعَنَهُ وَعَلَيْهِ بَهْلَةُ اللهِ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَال: بَهْلَةُ اللهِ أَيْ لَعْنَةُ اللهِ وَنَبْتَهِلُ أَيْضًا: نَجْتَهِدُ فِي الدّعَاءِ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: {إنّ هَذَا} الّذِي جِئْت بِهِ مِنْ الْخَبَرِ عَنْ عِيسَى {لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقّ} مِنْ أَمْرِهِ {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلّا اللهُ وَإِنّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فَإِنْ تَوَلّوْا فَإِنّ اللهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلّا نَعْبُدَ إِلّا اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمرَان:62-64] فَدَعَاهُمْ إلَى النّصْفِ وَقَطَعَ عَنْهُمْ الْحُجّةَ.
إبَاؤُهُمْ الْمُلَاعَنَةَ
فَلَمّا أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَبَرُ مِنْ اللهِ عَنْهُ وَالْفَضْلُ مِنْ الْقَضَاءِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَأَمَرَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الّذِينَ هُمْ فَلَذُ الْأَكْبَادِ ثُمّ بِالنّسَاءِ الّتِي جَعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ مَوَدّةً وَرَحْمَةً ثُمّ مَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ دُعَاءِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، لِأَنّ الْإِنْسَانَ لَا يَدْعُو نَفْسَهُ وَانْتَظَمَ الْكَلَامَ عَلَى