. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عَلَى الرّجُلِ الْمَمْدُوحِ وَإِذْ بِمَعْنَى أَنْ الْمَفْتُوحَةِ كَذَا قَالَ سِيبَوَيْهِ فِي سَوَادِ الْكِتَابِ وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ {بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آلَ عِمْرَانَ: 80] وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ} [الزّخْرُفَ 39] وَغَفَلَ النّسَوِيّ عَمّا فِي الْكِتَابِ مِنْ هَذَا، وَجَعَلَ الْفِعْلَ الْمُسْتَقْبَلَ الّذِي بَعْدَ لَنْ عَامِلًا فِي الظّرْفِ الْمَاضِي، فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَقُولُ سَآتِيك الْيَوْمَ أَمْسِ وَهَذَا هُرَاءٌ مِنْ الْقَوْلِ وَغَفْلَةٌ عَمّا فِي كِتَابِ سِيبَوَيْهِ، وَلَيْتَ شِعْرِي مَا يَقُولُ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ} [الْأَحْقَافَ: 11] فَإِنْ جَوّزَ وُقُوعَ الْمُسْتَقْبَلِ فِي الظّرْفِ الْمَاضِي عَلَى أَصْلِهِ الْفَاسِدِ فَكَيْفَ يَعْمَلُ مَا بَعْدَ الْفَاءِ فِيمَا قَبْلَهَا لَا سِيّمَا مَعَ السّينِ وَهُوَ قَبِيحٌ أَنْ تَقُولَ غَدًا سَآتِيك، فَإِن قُلْت: غَدًا فَسَآتِيك، فَكَيْفَ إنْ زِدْت عَلَى هَذَا وَقُلْت: أَمْسِ فَسَآتِيك، وَإِذْ عَلَى أَصْلِهِ بِمَنْزِلَةِ أَمْسِ فَهَذِهِ فَضَائِحُ لَا غِطَاءَ عَلَيْهَا.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَكَيْفَ الْوَجْهُ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ} [الْأَنْعَامَ: 30] وَكَذَلِكَ {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ} [السّجْدَةَ: 12] أَلَيْسَ هَذَا كَمَا قَالَ ابْنُ هِشَامٍ بِمَعْنَى إذَا الّتِي تُعْطِي الِاسْتِقْبَالَ؟
قِيلَ لَهُ وَكَيْفَ تَكُونُ بِمَعْنَى إذَا، وَإِذَا لَا يَقَعُ بَعْدَهَا الِابْتِدَاءُ وَالْخَبَرُ، وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ} وَإِنّمَا التّقْدِيرُ وَلَوْ تَرَى نَدَمَهُمْ وَحُزْنَهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بَعْدَ وُقُوفِهِمْ عَلَى النّارِ فَإِذْ ظَرْفٌ مَاضٍ عَلَى أَصْلِهِ وَلَكِنْ بِالْإِضَافَةِ إلَى حُزْنِهِمْ وَنَدَامَتِهِمْ فَالْحُزْنُ وَالنّدَامَةُ وَاقِعَانِ بَعْدَ الْمُعَايَنَةِ وَالتّوْقِيفِ فَقَدْ صَارَ وَقْتُ التّوْقِيفِ مَاضِيًا بِالْإِضَافَةِ إلَى مَا بَعْدَهُ وَاَلّذِي بَعْدَهُ هُوَ مَفْعُولُ تَرَى، وَهَذَا نَحْوٌ مِمّا يُتَوَهّمُ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {فَانْطَلَقَا حَتّى إِذَا رَكِبَا فِي السّفِينَةِ خَرَقَهَا} [الْكَهْفَ: 71] فَيُتَوَهّمُ أَنّ إذَا هَاهُنَا بِمَعْنَى إذْ لِأَنّهُ حَدِيثٌ قَدْ مَضَى، وَلَيْسَ كَمَا يُتَوَهّمُ بَلْ هِيَ عَلَى بَابِهَا، وَالْفِعْلُ بَعْدَهَا مُسْتَقْبَلٌ بِالْإِضَافَةِ إلَى الِانْطِلَاقِ لِأَنّهُ بَعْدَهُ وَالِانْطِلَاقُ قَبْلَهُ وَلَوْلَا حَتّى، مَا جَازَ أَنْ يُقَالَ إلّا انْطَلَقَا إذْ رَكِبَا، وَلَكِنّ مَعْنَى الْغَايَةِ فِي حَتّى دَلّ عَلَى أَنّ الرّكُوبَ كَانَ بَعْدَ الِانْطِلَاقِ وَإِذَا كَانَ بَعْدَهُ فَهُوَ مُسْتَقْبَلٌ بِالْإِضَافَةِ إلَيْهِ وَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُنَا