قد حفظ ابن حجر القرآن الكريم في التاسعة من عمره - كما تقدم آنفا - وصلى بالناس التراويح بمكة سنة785هـ. وسمع في تلك السنة "صحيح البخاري" على مسند الحجاز عفيف الدين عبد الله النشاوري.
وفي سنة786هـ عاد من مكة، صحبة وصيه، إلى مصر محل إقامته، فحفظ كتبا من مختصرات العلوم "كالعمدة والحاوي الصغير ومختصر ابن الحاجب الأصلي، والملحة للحريري وغيرها"، وعرضها - كما هي العادة - على جماعة من أئمة العصر وكتبوا له خطوطهم بذلك1.
وكان الحافظ ابن حجر رزق في صغر سنه سرعة الحفظ بحيث كان يحفظ كل يوم نصف حزب، وبلغ من أمره في ذلك أن حفظ سورة مريم في يوم واحد2. وأنه كان يصحح الصفحة من الحاوي الصغير ثم يقرأها تأملا مرة أخرى، ثم يعرضها في الثانية حفظا، ولم يكن رحمه الله حفظه بالمدرسة على طريقة الأطفال، بل كان حفظه تأملا على طريقة الأدباء في ذلك غالبا3.
وتشير المصادر التي ترجم لابن حجر أن فتوراً حصل في نشاطه العلمي والثقافي، وفي هذا قال السخاوي: "فتر عزمه عن الاشتغال؛ لأنه لم يكن له من يحثه على ذلك، فلم يشتغل إلا بعد استكمال سبع عشرة سنة"4.
وفي مدة فتوره اشتغل بالتجارة فنشأ في وسط تجاري؛ لأن جده