الرُّواة الذين كُنُّوا (بأبي زرعة)
للدكتور سَعدي الهاشمي
أستاذ مساعد بالدراسات العليا
المقدمة:
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا، وبعد:
فقد صنف أئمة الحديث وحفاظه في علوم الحديث المختلفة، ولم يتركوا فنا من فنونه، ولا نوعا من أنواعه إلا وأبدعوا في تصنيفهم فيه وأكثروا، ومن هذه الأنواع والفنون التي صنفوا فيها، هو معرفة الكنى والأسماء، وذلك لأهميته.
قال أبو عبد الله الحاكم (ت405?) عن تصنيف الحفاظ في الكنى: (وقد صنف المحدثون فيه كتبا كثيرة، وربما يشذ عنهم الشيء بعد الشيء) 1.
ونوه بأهميته ابن الصلاح (ت643?) فقال: (وهذا فن مطلوب لم يزل أهل العلم بالحديث يعنون به ويتحفظونه، ويتطارحونه فيما بينهم، وينتقصون من جهله) 2.
وبين الحافظ العراقي (ت806?) سبب معرفتهم لهذا الفن وضرب لذلك الأمثال فقال: (من فنون أصحاب الحديث معرفة أسماء ذوي الكنى ومعرفة كنى ذوي الأسماء، وتنبغي العناية بذلك، فربما ورد ذكر الراوي مرة بكنيته ومرة باسمه؛ فيظنها من لا معرفة له بذلك رجلين، وربما ذكر الراوي باسمه وكنيته معا؛ فتوهمه بعضهم رجلين، كالحديث الذي رواه الحاكم من رواية ابن يوسف، عن أبي حنيفة، عن موسى بن أبي عائشة، عن عبد الله بن شداد، عن أبي الوليد، عن جابر مرفوعا: "من صلى خلف الإمام فإن قراءته له قراءة".