طَالِعًا: هَذَا وَاللَّهِ سَيِّدُ مَنْ وَرَاءِهِ، إِنْ تَابَعَكَ لَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْكَ اثْنَانُ مِنْ قَوْمِهِ، فَابْلُ اللَّهَ فِيهِ بَلاءً حَسَنًا، قَالَ: إِنْ يَقْعُدْ نُسْمِعْهُ مَا أَسْمَعْنَا صَاحِبَهُ، قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ سَعْدٌ مِنْ مَقَالَتِهِ لأَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، قَالَ لَهُ مُصْعَبُ: أَوَ تَجْلِسُ؟ فَإِنْ سَمِعْتَ شَيْئًا تُحِبُّهُ قَبِلْتَهُ، وَإِنْ خَالَفَكَ شَيْءٌ أَوْ كَرِهْتَهُ أَعْفَيْنَاكَ.
قَالَ: أَنْصَفْتَ، مَا بِهَذَا بَأْسٌ، قَالَ: فَرَكَزَ حَرْبَتَهُ، ثُمَّ جَلَسَ، فَكَلَّمَهُ الإِسْلامَ، وَتَلا عَلَيْهِ الْقُرْآنَ.
قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا تَكَلَّمَ حَتَّى عَرَفْنَا الإِسْلامَ فِي وَجْهِهِ، بِإِشْرَاقِهِ وَتَسَهُّلِهِ، فَأَسْلَمَ، وَقَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا وَأَجْمَلَهُ، نَقْبَلُهُ وَنُعِينُكَ عَلَيْهِ، كَيْفَ تَصْنَعُونَ إِذَا دَخَلْتُمْ فِي هَذَا الأَمْرِ؟ قَالَ: تَغْتَسِلُ، وَتُطَهِّرُ ثَوْبَكَ، ثُمَّ تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَتَشْهَدُ شَهَادَةَ الْحَقِّ، قَالَ: فَفَعَلَ، ثُمَّ خَرَجَ، حَتَّى أَتَى دَارَ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، فَقَالَ: يَا بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، كَيْفَ تَعْلَمُونَ رَأْيِي فِيكُمْ وَمَكَانِي مِنْكُمْ؟ قَالُوا: نَعْلَمُكَ وَاللَّهِ سَيِّدُنَا وَخَيْرُنَا وَأَيْمَنُنَا وَأَرْشَدُنَا أَمْرًا.
قَالَ: فَإِنَّ كَلامَ رِجَالِكُمْ وَنِسَائِكُمْ عَلِيَّ حَرَامٌ حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ، وَتَشْهَدُوا أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدُهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدَهُ وَرَسُولَهُ، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا أَمْسَى مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ فِي دَارِ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ إِلا مُسْلِمًا "
قَالَ الأُمَوِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ دَاوُدُ بْنُ مَهْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِثَ عَشْرَ سِنِينَ يَتْبَعُ الْحَاجَّ فِي مَنَازِلِهِمْ فِي الْمَوَاسِمِ بِمَجَنَّةَ وَعُكَاظَ، وَمَنَازِلِهِمْ بِمِنًى: مَنْ يُؤْوِينِي وَيَنْصُرُنِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالاتِ رَبِّي وَلَهُ الْجَنَّةُ؟ فَلا يَجِدُ أَحَدًا يُؤْوِيهِ وَلا يَنْصُرُهُ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ يَدْخُلُ مِنْ مِصْرَ وَالْيَمَنِ