فَقَالَ أَيُّوبُ عَلَيْهِ السَّلامُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَزْرَعُ الْحِكْمَةَ بِالرَّحْمَةِ فِي قَلْبِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، فَمَتَى مَا نَبَتَتْ فِي الْقَلْبِ يُظْهِرُهَا اللَّهُ عَلَى اللِّسَانِ، وَلَيْسَتْ تَكُونُ الْحِكْمَةُ مِنْ قِبَلِ السِّنِّ وَلا الشِّيبَةِ وَلا طُولِ التَّجْرِبَةِ، وَإِذَا جَعَلَ اللَّهُ الْعَبْدَ حَكِيمًا فِي الصِّبَا لَمْ يُسْقِطْ مَنْزِلَتَهُ عِنْدَ الْحُكَمَاءِ، وَهُمْ يَرَوْنَ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِ نُورَ الْكَرَامَةِ " وَذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ قِصَّةَ أَيُّوبَ، فَقَالَ: " وَأُلْقِيَ عَلَى الرَّمَادِ، فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ ذَاتَ يَوْمٍ: يَا أَيُّوبَ قَدْ وَاللَّهِ نَزَلَ بِي مِنَ الْجَهْدِ وَالْفَاقَةِ مَا بِعْتُ قَرْنًا مِنْ قُرُونِي بِرَغِيفٍ فَأَطْعَمْتُكَ، فَادْعُ رَبَّكَ فَلِيَشْفِكَ.
قَالَ: وَيْحَكِ، كُنَّا فِي النَّعْمَاءِ سَبْعِينَ عامًا فَاصْبِرِي حَتَّى تَكُونِي فِي الضرَّاءِ سَبْعِينَ عَامًا.
قَالَ: فَكَانَ فِي ذَلِكَ الْبَلاءِ سَبْعُ سِنِينَ.
قَالَ: وَقَعَدَ الشَّيْطَانُ فِي الطَّرِيقِ، فَأَخَذَ تَابُوتًا يُطَبِّبُ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةُ أَيُّوبَ، فَقَالَتْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنَّ هَهُنَا إِنْسَانًا مُبْتَلًى، فَهَلْ لَكَ أَنْ نُدَاوِيَهُ؟ قَالَ: إِنْ شَاءَ فَعَلْتُ، عَلَى أَنْ يَقُولَ لِي كَلِمَةً إِذَا بَرَأَ، يَقُولُ: أَنْتَ شَفَيْتَنِي.
قَالَ: فَأَتَتْهُ، فَقَالَتْ: يَا أَيُّوبُ، إِنَّ هَهُنَا رَجُلا يَزْعُمُ أَنَّهُ يُدَاوِيكَ عَلَى أَنْ تَقُولَ لَهُ كَلِمَةً وَاحِدَةً: أَنْتَ شَفَيْتَنِي.
قَالَ: وَيْلَكِ، ذَلِكَ الشَّيْطَانُ، لِلَّهِ عَلِيَّ إِنْ شَفَانِي اللَّهُ أَنْ أَجْلِدَكِ مِائَةَ جَلْدَةً ".
وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: فَقَالَ لَهَا: " اذْهَبِي فَلا حَاجَةَ لِي فِيكِ , فَذَهَبَتْ