عند الأحنافi:
في فتح القدير شرح الهداية قسم الرشوة أربعة أقسام: الثالث منها أخذ المال ليسوي أمره عند السلطان دفعا للضرر أو جلبا للنفع، وهو حرام على الآخذ لا الدافع، وحيلة حلها أن يستأجره يوما إلى الليل أو يومين فتصير منافعه مملوكة، ثم يستعمله في الذهاب إلى السلطان للأمر الفلاني.
وفي الأقضية: قسم الهدية وجعل هذا من أقسامها، فقال: حلال من الجانبين كالإهداء للتودد، وحرام من الجانبين كالإهداء ليعينه على الظلم، حلال من جانب المهدي حرام على الآخذ، وهو أن يهدي ليكف عن الظلم، والحيلة أن يستأجره.. الخ.
ونبه على أن هذا إذا كان فيه شرط بينهما، أما إذا كان الإهداء بلا شرط ولكن يعلم يقينا أنه إنما يهدي إليه ليعينه عند السلطان؛ فمشى بحثا على أنه لا بأس به، ولو قضى حاجة بلا شرط ولا طمع فأهدي إليه بعد ذلك فهو حلال لا بأس به.
الرابع: ما يدفع لدفع الخوف من المدفوع إليه على نفسه وماله حلال للدافع حرام على الآخذ؛ لأن دفع الضرر عن المسلم واجب، ولا يجوز أخذ المال ليفعل الواجب ا?.
وعند ابن تيمية رحمه الله في المجموع - أي مجموع الفتاوى - في موضعين الأول منهما ج 29 ص 258 أثناء الجواب على المطعومات التي تؤخذ عليها المكس ومحتكرة هل يحرم شراؤها؟.
وبعد تفصيل طويل قال: ألا ترى أن المدلس والغاش ونحوهما إذا باعوا غيرهم شيئا مدلسا لم يكن المشترى حراما على المشتري لأنه أخذ منه أكثر مما يجب عليه، وإن كانت الزيادة التي أخذها الغاش حراما عليه، وأمثال هذا كثير في الشريعة.
ثم قال مبينا قاعدة فقهية بقوله: فإن التحريم في حق الآدميين إذا كان من أحد الجانبين لم يثبت في الجانب الآخر، كما لو اشترى الرجل ملكه المغصوب من الغاصب، فإن البائع يحرم عليه أخذ الثمن والمشتري لا يحرم عليه أخذ ملكه، ولا بذل ما بذله من الثمن، ثم حكى أقوال العلماء في خصوص الرشوة، فقال: ولهذا قال العلماء: يجوز رشوة العامل لدفع الظلم، لا لمنع الحق وإرشاده حرام فيهما. يعني في الأمرين الذين هما دفع الظلم أو منع الحق.