وإذا كان التشخيص قد وضح فيما تقدم، والأسباب قد وضحت، والأغراض ملموسة والمضاعفات تتزايد فلم يبق إلا منهج العلاج.
ومن المعلوم أن المرض الشخصي يتحمل مسئوليته الشخص المختص به، وإذا كان جماعيا تتحمل الجماعة مسئولية التعاون على علاجه.
والرشوة جمعت بين الأمرين الشخصي والجماعي؛ فعلى الجميع أفرادا وجماعات واجب التعاون على علاجها، وقد رسم لنا القرآن والحديث منهج العلاج.
أولا وقبل كل شيء: القضاء على مسبباتها كما علمنا ضعف الوازع الديني؛ فيعالج بتقويته وتوعية المجتمع توعية دينية، والتحذير من مضارها العاجلة والآجلة من مغبة الأكل الحرام وأثر السحت في النفوس والقلوب مما تقدم.
ثانيا: الرقابة على الأجهزة التي تكون مظنة تفشيها في أوساطها حتى يحسبوا لذلك حسابا، وهذا إن لم يمنعها كلية سيخفف من وطئها.
ثالثا: مصادرة كل ما ثبت أنه أخذ رشوة، سواء كان هذا المأخوذ مالا أو عرضا أو أي عين مادية، حتى تقلل طمع المرتشين وتسد الطريق على من تسول له نفسه بها، كما فعل صلى الله عليه وسلم بابن اللتبية.
رابعا: ما جاء في نص القرآن الكريم: {لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ} ، والربانيون هم ولاة الأمر العالمون بحدود الله، والأحبار هم العلماء والمعلمون فيجتمع الوازع الديني من العلماء والوازع السلطاني من الحكام.