مضيعة للأمة كلها كما ضاعت أمة بني إسرائيل كما قال تعالى في موجب لعنهم: {كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} .
?: إعطاء الفرصة والتمكين لكل مبطل ليتمادى في باطله؛ فتسلب الأموال وتنتهك الأعراض وتسفك الدماء بدون أي مبالاة؛ تعويلا على أنه سيعبر على جسر الرشوة دون أن يلقى جزاءه.
و: ومن مجموع كل ذلك ستقع الفرقة والشحناء والتقاطع في المجتمع.
وإذا جاوزنا مجال الولاة والحكام فإننا نجد بساحتهم وقريب منهم قرب الفم من الرأس كل من ولي أمرا للمسلمين فلم ينصح لهم حتى يرى كرشوة يعينه أو ينالها بيده، أو تظهر في نطاق عمله وإن كان هو عفيفا لكنه تغاضى عنها بالنسبة إلى من تحت ولايته، وفي استطاعته منعه منها.
وذلك على حد قوله صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه.." الحديث، وقوله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"، والمفاسد في هذا المجال عديدة منها:
أ: تعطيل الأعمال بغية بذل الرشوة.
ب: وبالتالي تكديسها وعدم إنجازها.
ج: يترتب عليه كساد العمل في البلدة وقلة الإنتاج والمضرة على المجتمع بكامله.
د: ذهاب قيمة هذا الجهاز بكامله أدبيا وخلقيا وقريبا من ذلك رسميا، وقد يؤدي إلى تغيير في الجهاز، ويفشو في الناس أن الرشوة هي السبب فتكون مسبة وعارا.
ثالثا: ما يقع في الجمارك وعلى الحدود التي هي بمثابة الثغور؛ فقد تكون سببا في إدخال ما هو ممنوع لشدة ضرره كالممنوعات الدولية من مخدرات ونحوها، أو إخراج ما تمس الحاجة إليه.
ففي الأول تمكن عملاء السوء من بث سمومهم في الأمة لإفساد الأبدان وضياع الأديان، بل وإفساد الأموال والعقول، وما يجر فساد الفعل وراءه من ويلات، وكل ذلك بسبب رشوة يدفعها العامل لعامل الجمرك.
وفي الثاني حرمان الأمة مما هو من حقها أن ترتفق به وتتوسع في استعماله؛ فيتيح الفرصة للمهربين وتحصيلهم مصلحة أنفسهم في اتجارهم في ضروريات الأمة.