إلى مهديه، فقيل له في ذلك، قال: (لا حاجة لي فيه) ، فقيل له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية، وأبو بكر وعمر! فقال: (إنها لأولئك هدية وهي للعمال رشوة) .
وقد جاء عن أحمد رحمه الله أنه إذا أهدي لقائد الجيش شيء فليس له وحده دونهم.
وقد ذكر ابن كثير في تاريخه أن جيش المسلمين لما ظفروا بالنصر على إقليم (تركستان) ، وغنموا شيئا عظيما أرسلوا مع البشرى بالفتح هدايا لعمر رضي الله عنه، فأبى أن يقبلها وأمر ببيعها وجعلها في بيت مال المسلمين.
ومن أبرز ما جاء في أمر العمال والرشوة قصة عبد الله بن رواحة لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليهود في خيبر ليخرص عليهم، رواه مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة إلى خيبر فيخرص بينه وبين يهود خيبر، فجمعوا له حليا من حلي نسائهم، فقالوا: خذ هذا لك وخفف عنا وتجاوز في القسم، فقال عبد الله بن رواحة: يا معشر اليهود والله إنكم لمن أبغض خلق الله إلي، وما ذاك بحاملي على أن أحيف عليكم! أما ما عرضتم من الرشوة فإنها سحت وإنا لا نأكلها، فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض.
وقد منع العلماء قبول الوالي ومن في معناه هدية ممن لم يكن له عهد بالإهاء إليه، ولو لم تكن له حاجة بالفعل عنده خشية أن تأتي له حاجة فيما بعد فيدلي إليه بما كان من هديته الأولى.
وقد وقع مثله لعمر رضي الله عنه؛ كان رجل يهدي إليه رِجل جزور كل عام؛ فخاصم إليه يوما فقال: يا أمير المؤمنين اقض بيننا قضاء فصلا، أي كما تفصل الرِّجل من سائر الجزور؛ فقضى عمر وكتب إلى عماله: ألا أن الهدايا الرشا؛ فلا تقبلن من أحد هدية.