أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ..} الآية، {لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ} .
وإذا كان قد ظهر لنا الربط في المواطن المتقدمة بين أول السياق وآخره فإننا هنا نجد أن أول السياق مقارنة بين من آمن بالله عقيدة بجميع ما يلزم ذلك الإيمان، وبما أنزل إلينا شريعة بجميع ما يلزم التشريع من حلال وحرام وجائز وممنوع، وبين نقيضهم من أهل الكتاب.
وفي عرض تلك الصفات الذميمة واختتامها بأكل السحت نجده عاشر عشر صفات كلها مذمومة ومن خواص اليهود، بدأت بالحكم عليهم:
أولا: بأنهم شر مثوبة عند الله.
ثانيا: قد باءوا باللعنة والغضب من الله تعالى عليهم.
ثالثا: جعل منهم قردة.
رابعا: جعل منهم خنازير.
خامسا: وعبد الطاغوت بدلا من عبادة الله تعالى وحده، وأول ما يشمله كلمة الطاغوت هنا هو الحكم بغير ما أنزل الله وتغيير حكم الله.
سادسا: وضعهم في شر مكان.
سابعا: ضلالهم عن سواء السبيل.
ثامنا: إبطان الكفر مع قولهم آمنا.
تاسعا: مسارعتهم في الإثم والعدوان، وهو ما كان باطلا في أصله ويوجب إثما لمرتكبه، والعدوان من لوازم الإثم؛ لأن الإثم لا يكون إلا بالتعدي، وكذلك العدوان من لوازمه الإثم؛ لأن كل عدوان لا يكون إلا لما فيه إثم.
عاشرا: وأكلهم السحت، وهذه هي النتيجة للعدوان والإثم بسبب أكلهم السحت.
وتقدم قبل هذا ملازمة أكل السحت للكذب؛ فالكذب والإثم والعدوان ملازمات لأكل السحت لا ينفك عنها لتحقيق غرضها والوصول إلى هدفه وعدوانه.
ثم في هذا السياق من زيادة في المنهج بيان من عليه مسؤولية محاربة هذا الداء العضال، ألا وهم الأحبار والربانيون؛ فالأحبار هم العلماء والربانيون هم من جمعوا بين العلم