ونود هنا أن نقف عند بعض الشهادات التى أنصفت الحقيقة واعترفت بصدق النبوة حتى وإن لم يلمس الإسلام شغاف قلوب أصحابها، وما ذلك إلا لأن الحق والموضوعية يفرضان مقاييسهما على من كان ينشد المعرفة الحقة.
إن المتأمل لما كتب وقيل يدرك أنه لم تحظ شخصية فى التاريخ البشرى العريض بمثل ما حظيت به شخصية النبى الكريم محمد عليه أفضل الصلاة والسلام من الاهتمام والإشادة والتمجيد من كافة الأعراق والشعوب والطوائف والملل، وفى شتى اللغات. وبالرغم من وجود من حاولوا الطعن فى نبوة الرسول الكريم- صلّى الله عليه وسلم- والتشكيك فى رسالته بسبب الحقد على الإسلام وإطباق الجهل بالإسلام على أصحابها والبعد عن الموضوعية العلمية فى البحث والتدقيق، فإن التيار العام ظل يسير فى ناحية التقدير الحقيقى لشخصية محمد- صلّى الله عليه وسلم- فى تاريخ البشرية، وفضل رسالته على الإنسانية، بشكل يتوخى الإنصاف والموضوعية بعيدا عن الأحقاد الصليبية وتعاليم الكنيسة فى القرون الوسطى.
وباطلاعنا على ما قيل فى النبى- صلّى الله عليه وسلم- من طرف المفكرين والمستشرقين والفلاسفة الغربيين المنصفين نجد أن هؤلاء يمثلون كبار مفكرى الغرب وأعمدة الفكر والفلسفة فيه، وقد حاولوا الوقوف على عظمة الرسول الكريم- صلّى الله عليه وسلم-، منبهرين بشخصيته العظيمة ونبل أخلاقه وطهارة حياته وخلوها من كل ما يثلم أخلاقه القرآنية، والبعض منهم اكتفى بوضع شخصية نبى الإسلام فى إطارها الحقيقى الذى يعرفه المسلمون أجمع، دون أن يلمس الإسلام ودعوته شغاف قلوبهم، والبعض الآخر ممن ظلوا بعيدين عن الإسلام تعرضوا للشخصية العامة للنبى كواحد من الأبطال والعباقرة الذين أثروا فى مسيرة التاريخ، لكن فئة من هؤلاء كان اطلاعهم على خصائص شخصية الرسول- صلّى الله عليه وسلم- وفضائلها مدخلا إلى البحث فى الإسلام، ومن ثم إلى إعلان إسلامهم على الملأ.