إن محمدا نبى المسلمين لقب بالأمين منذ الصغر بإجماع أهل بلده لشرف أخلاقه وحسن سلوكه، ومهما يكن هناك من أمر فإن محمدا أسمى من أن ينتهى إليه الواصف، ولا يعرفه من جهله، وخبير به من أمعن النظر فى تاريخه المجيد، ذلك التاريخ الذى ترك محمدا فى طليعة الرسل ومفكرى العالم (?) .
إننا لم ننصف محمدا إذا أنكرنا ما هو عليه من عظم الصفات وحميد المزايا، فلقد خاض محمد معركة الحياة الصحيحة فى وجه الجهل، مصرّا على مبدئه، وما زال يحارب الطغاة حتى انتهى به المطاف إلى النصر المبين، فأصبحت شريعته أكمل الشرائع، وهو فوق عظاماء التاريخ (?) .
ظهر محمد بعد المسيح بخمسمائة وسبعين سنة، وكانت وظيفته ترقية عقول البشر، بإشرابها الأصول الأولية للأخلاق الفاضلة، وبإرجاعها إلى الاعتقاد بإله واحد، وبحياة بعد هذه الحياة.
إلى أن قال: إن الفكرة الدينية الإسلامية، أحدثت رقيّا كبيرا جدّا فى العالم، وخلّصت العقل الإنسانى من قيوده الثقيلة التى كانت تأسره حول الهياكل بين يدى الكهان. ولقد توصل محمد- بمحوه كل صورة فى المعابد وإبطاله كل تمثيل لذات الخالق المطلق- إلى تخليص الفكر الإنسانى من عقيدة التجسيد الغليظة (?) .