«.. ما كان محمد- صلّى الله عليه وسلم- كاحاد الناس فى خلاله ومزاياه، وهو الذى اجتمعت له آلاء الرسل عليهم السلام، وهمة البطل، فكا حقا على المنصف أن يكرم فيه المثل، ويحيّى فيه الرجل» (?) .
«لا تأليه ولا شبهة تأليه فى معنى النبوة الإسلامية.. وقد درجات شعوب الأرض على تأليه الملوك والأبطال والأجداد، فكان الرسل أيضا معرضين لمثل ذلك الربط بينهم وبين الألوهية بسبب من الأسباب، فما أقرب الناس لو تركوا لأنفسهم أن يعتقدوا فى الرسول أو النبى أنه ليس بشرا كسائر البشر وأن له صفة من صفات الألوهية على نحو من الأنحاء. ولذا نجد توكيد هذا التنبيه متواترا مكررا فى آيات القرآن، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ (الكهف: 110) ، وفى تخير كلمة (مثلكم) معنى مقصود به التسوية المطلقة، والحيلولة دون الارتفاع بفكرة النبوة أو الرسالة فوق مستوى البشرية بحال من الأحوال. بل نجد ما هو أصرح من هذا المعنى فيما جاء بسورة الشورى: فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ (الشورى: 48) ، وظاهر فى هذه الآية تعمد تنبيه الرسول نفسه- صلّى الله عليه وسلم- إلى حقيقة مهمته، وحدود رسالته التى كلف بها، وليس له أن يعدوها، كما أنه ليس للناس أن يرفعوه فوقها» (?) .