وهيا معا لنسمع شهادات أخرى معترفة بالحق « ... لعله من المتوقع، بطبيعة الحال، أن تكون حياة مؤسس الإسلام ومنشيء الدعوة الإسلامية- صلّى الله عليه وسلم-، هى الصورة الحقة لنشاط الدعوة إلى هذا الدين. وإذا كانت حياة النبى- صلّى الله عليه وسلم- هى مقياس سلوك عامة المؤمنين، فإنها كذلك بالنسبة إلى سائر دعاة الإسلام.
لذلك نرجو من دراسة هذا المثل أن نعرف شيئا عن الروح التى دفعت الذين عملوا على الاقتداء به، وعن الوسائل التى ينتظر أن يتخذوها. ذلك أن روح الدعوة إلى الإسلام لم تجىء فى تاريخ الدعوة متأخرة بعد أناة وتفكر، وإنما هى قديمة قدم العقيدة ذاتها. وفى هذا الوصف الموجز سنبين كيف حدث ذلك وكيف كان النبى محمد صلّى الله عليه وسلم- يعد نموذجا للداعى إلى الإسلام ... » (?) .
«.. من الخطأ أن نفترض أن محمدا- صلّى الله عليه وسلم- فى المدينة قد طرح مهمة الداعى إلى الإسلام والمبلغ لتعاليمه، أو أنه عندما سيطر على جيش كبير يأتمر بأمره، انقطع عن دعوة المشركين إلى اعتناق الدين..» (?) .
« ... إن المعاملة الحسنة التى تعودتها وفود العشائر المختلفة من النبى- صلّى الله عليه وسلم واهتمامه بالنظر فى شكاياتهم، والحكمة التى كان يصلح بها ذات بينهم، والسياسة التى أوحت إليه بتخصيص قطع من الأرض مكافأة لكل من بادر إلى الوقوف فى جانب الإسلام وإظهار العطف على المسلمين، كل ذلك جعل اسمه مألوفا لديهم، كما جعل صيته ذائعا فى كافة أنحاء شبه الجزيرة سيدا عظيما ورجلا كريما. وكثيرا ما كان يفد أحد أفراد القبيلة على النبى- صلّى الله عليه وسلم- بالمدينة ثم يعود إلى قومه داعيا إلى الإسلام جادا فى تحويل إخوانه إليه..» (?) .