فى فؤاد ذلك الرجل الكبير ابن القفار والفلوات، المتورد المقلتين، العظيم النفس المملوء رحمة وخيرا وحنانا وبرا وحكمة وحجى وإربة ونهى، أفكار غير الطمع الدنيوى، ونوايا خلاف طلب السلطة والجاه، وكيف لا وتلك نفس صافية ورجل من الذين لا يمكنهم إلا أن يكونوا مخلصين جادين» .
وبعد أن يتعرض بالتحليل النفسى لعظمة نبى الإسلام ونبوته وتعاليمه السامية، يقول: «وإنى لأحب محمدا لبراءة طبعه من الرياء والتصنع» .
ولقد وقف الكثير من المفكرين والمستشرقين والفلاسفة الغربيين عند جوهر رسالة الإسلام الخالدة التى جاءت لتحرير الإنسان من عبودية الإنسان، وتحرير البشرية جمعاء من الشرك والفوضى والعنف والتوحش الذى كان سائدا قبل مجىء الإسلام، ومن ثم نظروا إلى رسالة النبى- صلّى الله عليه وسلم- كرسالة للبشرية بأسرها، لأنها رسالة للتحرر والانعتاق وتكسير قيود الظلم والهوان.
من هؤلاء المستشرق الأمريكى إدوارد رمسى الذى قال: «جاء محمد للعالم برسالة الواحد القهار، ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، فبزغ فجر جديد كان يرى فى الأفق، وفى اليوم الذى أعادت فيه يد المصلح العظيم محمد ما فقد من العدل والحرية أتى الوحى من عند الله إلى رسول كريم، ففتحت حججه العقلية السديدة أعين أمة جاهلة، فانتبه العرب، وتحققوا أنهم كانوا نائمين فى أحضان العبودية» .
ويقول الفيلسوف والشاعر الفرنسى لامارتين: «إن ثبات محمد وبقاءة ثلاثة عشر عاما يدعو دعوته فى وسط أعدائه فى قلب مكة ونواحيها، ومجامع أهلها، وإن شهامته وجرأته وصبره فيما لقيه من عبدة الأوثان، وإن حميته فى نشر رسالته، وإن حروبه التى كان جيشه فيما أقل من جيش عدوه، وإن تطلعه فى إعلاء الكلمة، وتأسيس العقيدة الصحيحة لا إلى فتح الدول وإنشاء الإمبراطورية، كل ذلك أدلة على أن محمدا كان وراءه يقين فى قلبه