ما كاد عهد (الحديبية) يبرم حتى حالفت خزاعة محمدا صلّى الله عليه وسلم وحالفت بنو بكر قريشا؛ فربح المسلمون حليفا قويا له أهمية خاصة لقرب دياره من قريش.
لقد كانت خزاعة تميل قلبيا الى المسلمين قبل اليوم، وكان الاسلام قد انتشر بين أفرادها، ولكنها لم تستطع أن تحالف المسلمين قبل هذه الهدنة، لأن ذلك يهدّد مصالحها الدينية لوجود البيت الحرام بمكة التي تسيطر عليها قريش، هذا بالإضافة الى تهديد مصالحها الأخرى.
والهدنة حرمت يهود (خيبر) من الأمل في معاونة قريش لها، وقريش هي ألد أعداء المسلمين وذلك حين يأتي موعد محاسبة المسلمين ليهود.
والهدنة جعلت المنطقة الجنوبية (جنوب المدينة) أمينة بالنسبة للمسلمين، وكانت هذه المنطقة أخطر ما يهدد الدعوة، لأن فيها قبائل قوية ذات حضارة وعقيدة، بينما كانت قبائل الشمال حتى حدود العراق والشام بدوية ممعنة في البداوة.
فإذا أمّنت هذه الهدنة الاستقرار الذي جعل الإسلام ينتشر بسرعة فائقة، وأمنت القوة والمنعة للمسلمين، فماذا أمنت لقريش؟
توخت قريش أهدافا سطحية دفعتها اليها العصبية الجاهلية: هي ردّ المسلمين عن زيارة البيت الحرام هذا العام ليعودوا لزيارته في العام المقبل، وردّ الذين يسلمون من قريش بدون رضى أوليائهم، حتى لا يكثر عدد المسلمين؛