ومع ذلك استطاع محمد صلّى الله عليه وسلم أن يشق طريقه بين القوات المحيطة به، ويخلّص تسعة أعشار قواته من فناء أكيد.
إنّ فشل المشركين في القضاء على قوات المسلمين بعد إحاطتهم بقواتهم المتفوّقة يعتبر إخفاقا لهم.
وإن نجاح المسلمين في الخروج من تطويق المشركين بخسائر نسبتها عشرة بالمائة من قواتهم القليلة يعتبر نصرا لهم.
وبالإضافة الى نجاح المسلمين في التخلّص من الفناء التام في معركة (أحد) ، فقد نجحوا في معرفة المنافقين بين صفوفهم قبل المعركة وبعدها، مما أتاح لهم القيام بالتطهير العام في صفوفهم بعد (أحد) على هدى وبصيرة ...
وبذلك تظهر الفائدة العظيمة لغزوة (أحد) للمسلمين.
إنّ نتيجة معركة (أحد) نصر (تعبوي) للمشركين على المسلمين، ولكنها فشل (سوقي) للمشركين. ولا يعدّ النصر التعبوي شيئا يذكر الى جانب الفشل السوقي (?) . وصدق الله العظيم: (هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ. وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ (?) فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ، وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ، وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا (?) وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ، وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ. أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) (?) ؟!