«وأنا أطلب من الأب أن يعطيكم فارقليطا آخر ليبقى معكم إلى الأبد» (?) وفيه: «إنّ لي أمورا كثيرة أيضا لا أقول لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن، وأما حتى جاء ذاك روح الحق؛ فهو يرشدكم إلى جميع الحقّ، لأنه لا يتكلم من نفسه» (?) . فهذه الآيات من الإنجيل دالة دلالة ليس فيها إيهام على أنّ ما في الإنجيل ليس آخر رسالات الله، ولم تتمّ به رسالات الله، بل سيأتي بعده نبيّ آخر تكمل به رسالة عيسى ابن مريم، أما الرسالة المحمّدية فلا تنبىء بنبيّ آخر يأتي بعدها، ولا بأنها ناقصة ستكمل بشيء يتلوها، إنّ الرسالة المحمدية تنادي بأنّها كاملة، وأنّها تامّة لا نقص فيها الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً [المائدة: 3] .

ومحمد صلّى الله عليه وسلم هو القائل «ختم بي النّبيّون» ، «ألا لا نبيّ بعدي» (?) ، وأنّه آخر لبنة في بناء النّبوة (?) . كلّ هذا من الدلائل الساطعة على أنّ رسالة محمد صلّى الله عليه وسلم هي الرسالة الخالدة من ربّ العالمين لجميع العالمين إلى يوم الدّين.

ولذلك تولى الله حفظها، وصيانتها، وعصمتها، فقال عزّ من قائل: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [الحجر: 9] .

الإسلام أول رسالة عامّة في تاريخ الإنسانية:

إخواني! بقي سؤال آخر لا بدّ من الجواب عليه: هل أتى نبيّ آخر غير محمد صلّى الله عليه وسلم برسالة عامّة لجميع البشر، وهل جاءت من الله رسالة غير الإسلام شملت دعوتها الناس جميعا؟ إن بني إسرائيل قصروا الدّنيا على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015