ولما تلقى الرسول أمر ربه بأن يدعو ذوي قرباه إلى الإسلام، وينذر عشيرته الأقربين؛ صعد الجبل؛ ونادى: يا معشر قريش! فلما اجتمعوا؛ قال: هل كنتم مصدّقيّ إن قلت: إن جيشا قد بلغ سفح هذا الجبل؟ قالوا:
ما جرّبنا عليك كذبا قطّ (صحيح البخاري: سورة تبّت) .
ولما أرسل النبي صلّى الله عليه وسلم كتاب الدعوة إلى هرقل عظيم الروم؛ دعا هرقل أبا سفيان ليسأله عن هذه الدعوة وصاحبه، وأنتم تعلمون أنّ أبا سفيان كان يومئذ على العداوة للإسلام ورسوله مدة ست سنوات متوالية انقضت بحشد المقاتلة، واستنفار المشركين لحرب المسلمين. وانظروا إلى هذا الموقف يدعى فيه عدو ليسأل عن عدوه اللدود الذي يتمنى لو استطاع أن يقتله، ويمحو اسمه، ويخفض من شأنه، ثم يدعى إلى مجلس رجل عظيم صاحب سلطان ليشهد عنده في عدوّه. فسأله هرقل عن النبي صلّى الله عليه وسلم:
كيف نسبه فيكم؟
قال أبو سفيان: هو فينا ذو نسب.
هل قال هذا القول منكم أحد قبله؟
قال أبو سفيان: لا.
هل كان من آبائه من ملك؟
قال أبو سفيان: لا.
فأشراف النّاس اتّبعوه أم ضعفاؤهم؟