قَالَ: فانتبهت وقلت ذَلِكَ لأبي سَعِيد الصفار.
فَقَالَ: كنت أزور قبره كُل يَوْم جمعة فلم أزره هذه الجمعة وحكى عَن بَعْضهم أَنَّهُ قَالَ: رأيت فِي المنام رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحوله جَمَاعَة من الفقراء فبينما هُوَ كَذَلِكَ إذ نزل من السماء ملكا وبيد أحدهما طست وبيد الآخر إبريق فوضع الطست بَيْنَ يدي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فغسل يده ثُمَّ أمر حَتَّى غسلوا أيديهم ثُمَّ وضع الطست بَيْنَ يدي.
فَقَالَ أحدهما للآخر: لا تصب عَلَى يده فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْهُم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أليس قَدْ رَوَى عَنْك أنك قُلْت: المرء مَعَ من أحب.
فَقَالَ: بلى فَقُلْتُ: وأنا أحبك وأحب هَؤُلاءِ الفقراء.
فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صب عَلَى يده فَإِنَّهُ مِنْهُم وحكي عَن بَعْضهم أَنَّهُ كَانَ يَقُول أبدا: العافية العافية فقيل لَهُ: مَا معنى هَذَا الدعاء.
قَالَ: كنت حمالا فِي ابتداء أمري وكنت حملت يوما صدرا من الدقيق فوضعته لأستريح فكنت أقول يا رب لو أعطيتني كُل يَوْم رغيفين من غَيْر تعب لكنت أكتفي بهما فَإِذَا رجلان يختصمان فتقدمت أصلح بينهما فضرب أحدهما رأسي بشيء أراد أَن يضرب بِهِ خصمه فدمى وجهي فجاء صاحب الربع فأخذهما فلما رآني ملوثا بالدم أخذني وظن أنني مِمَّن تشاجر فأدخلني السجن وبقيت فِي السجن مدة أوتى كُل يَوْم برغيفين فرأيت ليلة فِي المنام قائلا يَقُول لي: إنك سألت الرغيفين كُل يَوْم من غير نصب وَلَمْ تسأل العافية فانتبهت وقلت: العافية العافية فرأيت بَاب السجن يقرع وقيل: أين عُمَر الحمال وخلوا سبيلي، وحكي عَنِ الكتاني أَنَّهُ قَالَ: كَانَ عندنا رجل من أَصْحَابنا هاجت عينه فقيل لَهُ: ألا تعالجها.
فَقَالَ: عزمت أَن لا أعالجها حَتَّى تبرأ.
قَالَ: رأيت فِي المنام كأن قائلا يَقُول: لو كَانَ هَذَا العزم عَلَى أهل النار كلهم لأخرجناهم من النار.
وحكى عَنِ الجنيد أَنَّهُ.
قَالَ: رأيت فِي المنام كأني أتكلم عَلَى النَّاس فوقف عَلَى ملك.
فَقَالَ: أقرب مَا تقرب بِهِ المتقربون إِلَى اللَّه تَعَالَى ماذا فَقُلْتُ: عمل خفى بميزان وَفِي.
قَالَ: فولى الْمَلِك عنى وَهُوَ يَقُول: كَلام موفق والله.