الري سألت عَن منزله فَكُل من أسأل منه يَقُول لي: إيش تفعل بِذَلِكَ الزنديق؟ فضيقوا صدري حَتَّى عزمت عَلَى الانصراف فبت تلك الليلة فِي مسجد ثُمَّ قُلْت جئت هذه البلدة فلا أقل من زيارته فلم أزل أسأل عَنْهُ حَتَّى دفعت إِلَى مسجده وَهُوَ قاعد فِي المحراب وبين يديه رجل وعليه مصحف فِيهِ يقرأ وإذا هُوَ شيخ بهي حسن الوجه واللحية، فدنوت منه وسلمت عَلَيْهِ فرد السَّلام، وَقَالَ: من أين؟ فَقُلْتُ: من بغداد قصدت زيارة الشيخ.

فَقَالَ: لو أَن فِي بَعْض البلدان.

قَالَ: لَك إِنْسَان أقم عندي حَتَّى أشتري لَك دارا أَوْ جارية أكان يمنعك عَن زيارتي؟ فَقُلْتُ: يا سيدي مَا امتحنني اللَّه تَعَالَى بشيء من ذَلِكَ ولو كَانَ لا أدري كَيْفَ كنت أكون، فَقَالَ: تحسن أَن تقول شَيْئًا فَقُلْتُ: نعم وقلت:

رأيتك تبني دائبا فِي قطيعتي ... ولو كنت ذا حزم لهدمت مَا تبني

فأطبق المصحف وَلَمْ يزل يبكي حَتَّى ابتلت لحيته وثوبه حَتَّى رحمته من كثرة بكائه ثُمَّ قَالَ لي: يا بَنِي لا تلم أهل الري عَلَى قولهم يُوسُف بْن الْحُسَيْن زنديق ومن وقت الصلاة هُوَ ذا أقرأ الْقُرْآن فلم تقطر من عيني قطرة وَقَدْ قامت عَلَى الْقِيَامَة بِهَذَا الْبَيْت.

سمعت مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الصوفي يَقُول: سمعت عَبْد اللَّهِ بْن عَلِيّ الطوسي يَقُول: سمعت الرقي يَقُول: سمعت الدراج يَقُول: كنت أنا وابن القوطي مارين عَلَى الدجلة بَيْنَ البصرة والأبلة وإذا نحن بقصر حسن لَهُ منظر وعليه رجل وبين يديه جارية تغني وتقول: فِي سبيل اللَّه ود كَانَ مني لَك يبذل كُل يَوْم تتلون غَيْر هَذَا بك أجمل وإذا شاب تَحْتَ المنظرة بيده ركوة وعليه مرقعة بسمع.

فَقَالَ: يا جارية بحياة مولاك أعيدي: كُل يَوْم تتلون غَيْر هَذَا بك أجمل فَقَالَ الشاب: قولي فأعادت، فَقَالَ: الفقير هَذَا والله تلوني مَعَ الحق وشهق شهقة خرجت روحه.

فَقَالَ صاحب القصر للجارية: أَنْتَ حرة لوجه اللَّه تَعَالَى، وخرج أهل البصرة وفرغوا من دفنه والصلاة عَلَيْهِ فقام صاحب القصر.

وَقَالَ: أليس تعرفوني؟ أشهدكم أَن كُل شَيْء لي فِي سبيل اللَّه وكل مماليكي أحرار ثُمَّ أتزر بإزار وارتدى برداء وتصدق بالقصر ومر فلم يرد لَهُ بَعْد ذَلِكَ وجه ولا سمع لَهُ أثر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015