وَقَالَ أَبُو عُثْمَان الحيري: السماع عَلَى ثلاثة أوجه: فوجه منها للمريدين، والمبتدئين يستدعون بِذَلِكَ الأحوال الشريفة وتخشى عَلَيْهِم فِي ذَلِكَ الْفِتْنَة والمرآت، وَالثَّانِي للصادقين يطلبون الزيادة فِي أحوالهم ويستمعون من ذَلِكَ مَا يوافق أوقاتهم، والثالث لأهل الاستقامة من العارفين فهؤلاء لا يختارون عَلَى اللَّه تَعَالَى فيما يرد عَلَى قلوبهم من الحركة والسكون.

سمعت الشيخ أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمى رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُول: سمعت أبا الفرج الشيرازي يَقُول: سمعت أبا عَلِي الروذباري يَقُول: قَالَ أَبُو سَعِيد الخراز: من ادعى أَنَّهُ مغلوب عِنْدَ الفهم يعنى فِي السماع وأن الحركات مالكة فعلامته تحسين المجلس الَّذِي هُوَ فِيهِ بوجده، قَالَ الشيخ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ: فذكرت هذه الحكاية لأبي عُثْمَان المغربي فَقَالَ: أدناه وعلامته الصحيحة أَن لا يبقى فِي المجلس محقق إلا أَنَس بِهِ ولا يبقى فِيهِ مبطل إلا استوحش منه، وَقَالَ بندار بْن الْحُسَيْن: السماع عَلَى ثلاثة أوجه: مِنْهُم من يسمع بالطبع، وَمِنْهُم من يسمع بالحال، وَمِنْهُم من يسمع بالحق، فالذي يسمع بالطبع يشترك فِيهِ الخاص والعام، فَإِن جبلة البشرية استلذاذ الصوت الطيب، والذي يسمع بالحال فَهُوَ يتأمل مَا يرد عَلَيْهِ من ذكر عتاب أَوْ خطاب , أَوْ وصل , أَوْ هجر , أَوْ قرب , أَوْ بَعْد , أَوْ تأسف عَلَى فائت , أَن تعطش إِلَى آت , أَوْ وفاء بعهد , أَوْ تصديق لوعد , أَوْ نقض لعهد , أَوْ ذكر قلق , أَوِ اشتياق , أَوْ خوف فراق , أَوْ فرح وصال , أَوْ حذر انفصال , أَوْ مَا جرى مجراه.

وَأَمَّا من يسمع بحق فيسمع بالله تَعَالَى , وَلِلَّهِ ولا يتصف بِهَذِهِ الأحوال الَّتِي هِيَ ممزوجة بالحظوظ البشرية فإنها مبقاة مَعَ العلل، فيسمعون من حيث صفاء التوحيد بحق لا بحظ.

وقيل: أهل السماع عَلَى ثَلاث طبقات: أبناء الحقائق يَرْجِعُونَ فِي سماعهم إِلَى مخاطبة الحق سبحانه لَهُمْ، وضرب يخاطبون اللَّه تَعَالَى بقلوبهم بمعاني مَا يَسْمَعُونَ، فَهُمْ مطالبون بالصدق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015