فكنت أخلو فبعثوني إِلَى الكتاب فَقُلْتُ: إني لأخشى أَن يتفرق عَلَي رهمي ولكن شارطوا المعلم أنى أذهب إِلَيْهِ ساعة فأتعلم ثُمَّ أرجع، فمضيت إِلَى الكتاب وحفظت الْقُرْآن وأنا ابْن ست سنين أَوْ سبع سنين وكنت أصوم الدهر وقوتي خبز الشعير إِلَى أَن بلغت اثنتي عشرة سنة، فوقعت لي مسألة وأنا ابْن ثَلاث عشرة، فسالت أهلي أَن يبعثوني إِلَى البصرة أسأل عَنْهَا، فجئت البصرة وسألت علماءها فلم يشف أحدهم مِنْهُم عنى شَيْئًا فخرجت إِلَى عبادان عَلَى رجل يعرف بأبي حبيب حمزة بْن عَبْد اللَّهِ العباداتي فسألته عَنْهَا فأجابني وأقمت عنده مدة انتفع بكلامه وأتأدب بآدابه ثُمَّ رجعت إِلَى تستر فجعلت قوتي اقتصارا عَلَى أَن يشترى لي بدرهم من الشعير الفرق فيطحن ويخبز لي فأفطر عِنْدَ السحر كُل ليلة عَلَى أوقية واحدة بحتا بغير ملح ولا إدام فكان يكفيني ذَلِكَ الدرهم سنة، ثُمَّ عزمت عَلَى أَن أطوى ثَلاث ليال ثُمَّ أفطر ليلة ثُمَّ خمسا ثُمَّ سبعا ثُمَّ خمسا وعشرين ليلة وكنت عَلَيْهِ عشرين سنة، ثُمَّ خرجت أسيح فِي الأَرْض سنين ثُمَّ رجعت إِلَى تستر وكنت أقوم الليل كُلهُ.
سمعت مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن يَقُول: سمعت أبا الْعَبَّاس البغدادي يَقُول: سمعت إِبْرَاهِيم بْن فراس يَقُول: سمعت نصر بْن أَحْمَد يَقُول: قَالَ سهل بْن عَبْد اللَّهِ: كُل فعل يفعله العبد بغير اقتداء طاعة كَانَ أَوْ معصية فَهُوَ عيش النفس، وكل فعل يفعله بالاقتداء فَهُوَ عذاب عَلَى النفس.