فِي وجوده أَوْ لاستغراقه فِي شهوده إِن لَمْ يبلغ الوجود مختطف عَن إحساسه بكل وصف هُوَ لَهُ، ولهذا قَالَ الواسطي أَيْضًا: من عرف اللَّه تَعَالَى انقطع بَل خرس وانقمع.
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا أحصى ثناء عليك.
هذه صفات الَّذِينَ بَعْد مرماهم، فأما من نزلوا عَن هَذَا الحد فَقَدْ تكلموا فِي المعرفة وأكثروا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْن قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سَعِيد الرازي قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّاس بْن حمزة قَالَ: سمعت أَحْمَد بْن أَبِي الحواري قَالَ: سمعت أَحْمَد بْن عَاصِم الأنطاكي يَقُول: من كَانَ بالله أعرف كَانَ لَهُ أخوف وَقَالَ بَعْضهم من عرف اللَّه تَعَالَى تبرم بالبقاء وضاقت عَلَيْهِ الدنيا بسعتها.
وقيل: من عرف اللَّه تَعَالَى صفا لَهُ العيش وطابت لَهُ الحياة وهابه كُل شَيْء وذهب عَنْهُ خوف المخلوقين وأنس بالله تَعَالَى.
وقيل: من عرف اللَّه تَعَالَى ذهب عَنْهُ رغبة الأشياء وَكَانَ بلا فصل ولا وصل وقيل: المعرفة توجب الحياء والتعظيم كَمَا أَن التوحيد يوجب الرضا والتسليم وَقَالَ رويم: المعرفة للعارف مرآة إِذَا نظر فِيهَا تجلى لَهُ مولاه وَقَالَ ذو النون الْمِصْرِي: ركضت أرواح الأنبياء فِي ميدان المعرفة فسبقت روح نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرواح الأنبياء عَلَيْهِم السَّلام إِلَى روضة الوصال وَقَالَ ذو النون الْمِصْرِي: معاشرة العارف كمعاشرة اللَّه تَعَالَى يحتملك ويحلم عَنْك تخلقا بأخلاق اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وسئل بْن يزدانيار مَتَى يشهد العارف الحق سبحانه فَقَالَ: إِذَا بدا الشاهد وفني الشواهد وذهب الحواس واضمحل الإخلاص وَقَالَ الْحُسَيْن بْن مَنْصُور: إِذَا بلغ العبد إِلَى مقام المعرفة أوحى اللَّه تَعَالَى إِلَيْهِ بخواطره وحرس سره أَن يسنح فِيهِ غَيْر خاطر الحق