النزع قل لا اللَّه إلا اللَّه فتبسم إلي وَقَالَ: إياي تعنى؟ وعزة من لا يذوق الْمَوْت مَا بيني وبينه إلا حجاب العزة وانطفأ من ساعته , فكان المزين يأخذ بلحيته وَيَقُول: حجام مثلي يلقن أولياء اللَّه تَعَالَى الشهادة واخجلتاه منه، وَكَانَ يبكى إِذَا ذكر هذه الحكاية.
وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْن المالكي: كنت اصحب خيرا النساج سنين كثيرة فَقَالَ لي: قبل موته بثمانية أَيَّام أنا أموت يَوْم الخميس وقت المغرب وأدفن يَوْم الجمعة قبل الصلاة وستنسى هَذَا فلا تنس قَالَ أَبُو الْحُسَيْن: فأنسيته إِلَى يَوْم الجمعة فلقيني من أخبرني بموته فخرجت لأحضر جنازته فوجدت النَّاس راجعين يقولون: يدفن بَعْد الصلاة فلم أنصرف وحضرت فوجدت الجنازة قَدْ أخرجت قبل الصلاة كَمَا قَالَ فسألت من حضر وفاته فَقَالَ: إنه غشي عَلَيْهِ ثُمَّ أفاق ثُمَّ التفت إِلَى ناحية الْبَيْت وَقَالَ: قف عافاك اللَّه فإنما أَنْتَ عَبْد مأمور وأنا عَبْد مأمور الَّذِي أمرت بِهِ لا يفوتك والذي أمرت بِهِ يفوتني فدعا بماء فجدد وضوءه وصلى ثُمَّ تمدد وغمض عينيه فرؤي فِي المنام بَعْد موته فقيل لَهُ: كَيْفَ حالك؟ فَقَالَ: لا تسل لكني تخلصت عَن دنياكم الوضرة.
وذكر أَبُو الْحُسَيْن الحمصي مصنف كتاب بهجة الأسرار أَنَّهُ لما مَات سهل بْن عَبْد اللَّهِ انكب النَّاس عَلَى جنازته وَكَانَ فِي البلد يهودي نيف عَلَى السبعين فسمع الضجة فخرج لينظر مَا كَانَ فلما نظر إِلَى الجنازة صاح وَقَالَ: أترون مَا أرى فَقَالُوا: لا إيش ترى؟ فَقَالَ: أرى أقواما ينزلون من السماء يتمسحون بالجنازة ثُمَّ إنه تشهد وأسلم وحسن إسلامه.
سمعت الشيخ أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمى يَقُول: سمعت مَنْصُور بْن عَبْد اللَّهِ يَقُول: سمعت أبا جَعْفَر بْن قَيْس بمصر يَقُول: سمعت أبا سَعِيد الخراز يَقُول: كنت بمكة حرسها اللَّه تَعَالَى فجزت يوما بباب بَنِي شيبة فرأيت شابا حسن الوجه ميتا فنظرت فِي وجهه فتبسم فِي وجهي وَقَالَ لي: يا أبا سَعِيد أما علمت أَن الأحباء أحياء وإن مَاتُوا وإنما ينقلون من دار إِلَى دار وسمعته يَقُول: سمعت أبا بَكْر الرازي يَقُول: سمعت الجريري يَقُول: بلغني أَنَّهُ قيل لذي النون الْمِصْرِي عِنْدَ النزع أوصنا , فَقَالَ: لا تشغلوني فإني متعجب من محاسن لطفه.