سألت جَعْفَر بْن نصير بكران الدينوري وَكَانَ يخدم الشبلي مَا الَّذِي رأيت منه؟ فَقَالَ: قَالَ لي عَلَى درهم مظلمة وَقَدْ تصدقت عَن صاحبه بألوف فَمَا عَلَى قلبي شغل أَعْظَم منه ثُمَّ قَالَ: وضئني للصلاة ففعلت فنسيت تخليل لحيته وَقَدْ أمسك عَلَى لسانه فقبض عَلَى يدي وأدخلها فِي لحيته ثُمَّ مَات فبكى جَعْفَر وَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي رجل لَمْ يفته حَتَّى فِي آخر عمره أدب من آداب الشريعة.
سمعت عَبْد اللَّهِ بْن يُوسُفَ الأَصْبَهَانِي يَقُول: سمعت أبا الْحَسَن بْن عَبْد اللَّهِ الطرسوسي يَقُول: سمعت علوشا الدينوري يَقُول: سمعت المزين الكبير يَقُول: كنت بمكة حرسها اللَّه تَعَالَى فوقع بي انزعاج فخرجت أريد المدية، فلما وصلت إِلَى بئر ميمونة إِذَا أنا بشاب مطروح فعدلت إِلَيْهِ وَهُوَ ينزع فَقُلْتُ لَهُ: قل: لا اللَّه إلا اللَّه ففتح عينيه وأنشأ يَقُول: أنا إِن مت فالهوى حشو قلبي وبداء الهوى تموت الكرام فشهق شهقة ثُمَّ مَات فغسلته وكفنته وصليت عَلَيْهِ فلما فرغت من دفنه سكن مَا كَانَ بي من إرادة السفر فرجعت إِلَى مَكَّة حرسها اللَّه تَعَالَى.
وقيل: لبعضهم: أتحب الْمَوْت؟ فَقَالَ: القدوم عَلَى من يرجى خيره خير من البقاء مَعَ من لا يؤمن شره.
وحكى عَنِ الجنيد أَنَّهُ قَالَ: كنت عِنْدَ أستاذي ابْن الكرنبي وَهُوَ يجود بنفسه فنظرت إِلَى السماء فَقَالَ: بَعْد ثُمَّ نظرت إِلَى الأَرْض فَقَالَ: بَعْد يَعْنِي: أَنَّهُ أقرب إليك من أَن تنظر إِلَى السماء أَوْ إِلَى الأَرْض بَل هُوَ وراء المكان سمعت أبا حاتم السجستاني يَقُول: سمعت أبا نصر الطوسي يَقُول: سمعت بَعْض أَصْحَابنا يَقُول قَالَ أَبُو يَزِيد عِنْدَ موته: مَا ذكرتك إلا عَن غفلة ولا قبضتني إلا عَلَى فترة.
سمعت أبا حاتم السجستاني يَقُول: سمعت أبا نصر السراج يَقُول: سمعت الوجيهي يَقُول: سمعت أبا عَلِي الروذباري يَقُول: دخلت مصر فرأيت النَّاس مجتمعين فَقَالُوا كُنَّا فِي جنازة فنى سمع قائلا يَقُول: كبرت همة عَبْد طمعت فِي أَن تراكا فشهق شهقة وَمَاتَ منذ ثلاثين سنة تعرض عَلَى الْجَنَّة بِمَا فِيهَا فَمَا أعرتها طرفي , وَقَالُوا لَهُ عِنْدَ النزع: كَيْفَ تجد قلبك؟ فَقَالَ: