كَانَ شقيق بْن إِبْرَاهِيم موسرا وَكَانَ يتفتى ويعاشر الفتيان وَكَانَ عَلِي بْن عيسى بْن ماهان أمِير بلخ وَكَانَ يحب كلاب الصيد ففقد كلبا من كلابه فسمى برجل أَنَّهُ عنده وَكَانَ الرجل فِي جوار شقيق فطلب الرجل فهرب فدخل دار شقيق مستجيرا فمضى شقيق إِلَى الأمير وَقَالَ: خلوا سبيله فَإِن الكلب عندي أرده إليكم إِلَى ثلاثة أَيَّام، فخلوا سبيله وانصرف شقيق مهتما لما صنع فلما كَانَ اليوم الثالث كَانَ رجل من أصدقاء شقيق غائبا من بلخ رجع إِلَيْهَا فوجد فِي الطريق كلبا عَلَيْهِ قلادة فأخذه وَقَالَ: أهديه إِلَى شقيق فَإِنَّهُ يشتغل بالتفتي فحمله إِلَيْهِ فنظر شقيق فَإِذَا هُوَ كلب الأمير فسر بِهِ وحمله إِلَى الأمير وتخلص من الضمان فرزقه اللَّه الانتباه وتاب مِمَّا كَانَ فِيهِ وسلك طريق الزهد.
وحكى أَن حاتما الأصم قَالَ كُنَّا مَعَ شقيق فِي مصاف نحارب الترك فِي يَوْم لا ترى فِيهِ إلا رءوس تندر ورماح تنقصف وَسِيُوف تنقطع فَقَالَ لي شقيق: كَيْفَ ترى نفسك يا حاتم فِي هَذَا اليوم؟ تراه مثل مَا كنت فِي الليلة الَّتِي زفت إليك امرأتك؟ فَقُلْتُ: لا والله قَالَ لكنى والله أرى نفسي فِي هَذَا اليوم مثل مَا كنت تلك الليلة، ثُمَّ نام بَيْنَ الصفين ودرقته تَحْتَ رأسه حَتَّى سمعت غطيطه.
وَقَالَ شقيق: إِذَا أردت أَن تعرف الرجل فانظر إِلَى مَا وعده اللَّه ووعده النَّاس فبأيهما يَكُون قلبه أوثق.
وَقَالَ شقيق: تعرف تقوى الرجل فِي ثلاثة أشياء: فِي أخذه ومنعه وكلامه.