قَالَ الأستاذ: وإنما أشار إِلَى نَفْسه لأنه لا يمكن الإِنْسَان أَن يعرف من غيره أَنَّهُ قبض عَلَى يده وَكَانَ الأستاذ أَبُو عَلِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لا يستند إِلَى شَيْء وَكَانَ يوما فِي مجمع فأردت أَن أضع وسادة خلف ظهره لأني رأيته غَيْر مستند فتنحى عَنِ الوسادة قليلا فتوهمت أَنَّهُ توفى الوسادة لأنه لَمْ يكن عَلَيْهَا خرقة أَوْ سجادة فَقَالَ: لا أريد الاستناد فتأملت بعده حاله فكان لا يستند إِلَى شَيْء.
سمعت أبا حاتم السجستاني يَقُول: سمعت أبا نصر السراج يَقُول: سمعت أَحْمَد بْن مُحَمَّد البصري يَقُول: سمعت الجلاجلي البصرى يَقُول التوحيد موجب يوجب الإيمان فمن لا إيمان لَهُ فلا توحيد لَهُ والإيمان موجب بوجب الشريعة فمن لا شريعة لَهُ فلا إيمان لَهُ ولا توحيد والشريعة موجب يوجب الأدب فمن لا أدب لَهُ لا شريعة لَهُ ولا إيمان ولا توحيد وَقَالَ ابْن عَطَاء: الأدب الوقوف مَعَ المستحسنات فقيل: وَمَا معناه؟ قَالَ: أَن تعامل اللَّه تَعَالَى بالأدب سرا وعلنا فَإِذَا كنت كَذَلِكَ كنت أديبا وإن كنت أعجميا ثُمَّ أنشد:
إِذَا نطقت جاءت بكل ملاحة ... وإن سكتت جاءت بكل مليح
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْن قَالَ: سمعت عَبْد اللَّهِ الرازي يَقُول: سمعت عَبْد اللَّهِ الجريري يَقُول منذ عشرين سنة مَا مددت رجلي وقت جلوسي فِي الخلوة فَإِن حسن الأدب مَعَ اللَّه تَعَالَى أولى.
سمعت الأستاذ أبا عَلِيّ الدقاق رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُول: من صاحب الملوك بغير أدب أسلمه الجهل إِلَى القتل رَوَى عَنِ ابْن سيرين أَنَّهُ سئل أي الآداب أقرب إِلَى اللَّه تَعَالَى فَقَالَ: معرفة ربوبيته وعمل بطاعته والحمد لِلَّهِ عَلَى السراء والصبر عَلَى الضراء.
وَقَالَ يَحْيَي بْن معاذ إِذَا ترك للعارف أدبه مَعَ معروفه فَقَدْ هلك مَعَ الهالكين.
سمعت الأستاذ أبا عَلِي يَقُول: ترك الأدب موجب يوجب الطرد فمن أساء الأدب عَلَى البساط رد إِلَى الباب ومن أساء الأدب عَلَى الباب رد إِلَى سياسة الدواب