ويحكي عَنِ الجنيد أَنَّهُ قَالَ: مر بي يوما الْحَارِث المحاسبي فرأيت فِيهِ أثر الجوع فَقُلْتُ: يا عم تدخل الدار وتتناول شَيْئًا؟ فَقَالَ: نعم فدخلت الدار وطلبت شَيْئًا أقدمه إِلَيْهِ فكان فِي الْبَيْت شَيْء من طَعَام حمل إِلَى من عرس قوم فقدمته إِلَيْهِ فأخذ لقمة وأدارها فِي فِيهِ مرات , ثُمَّ إنه قام وألقاها فِي الدهليز ومر فلما رأيته بَعْد ذَلِكَ بأيام , قُلْت لَهُ فِي ذَلِكَ , فَقَالَ: إني كنت جائعا وأردت أَن أسرك بأكلي وأحفظ قلبك ولكني بيني وبين اللَّه سبحانه علامة أَن لا يسوغني طعاما فِيهِ شبهة فلم يمكني ابتلاعه، فمن أين كَانَ لَك ذَلِكَ الطعام؟ فَقُلْتُ: إنه حمل إلي من دار قريب لي من العرس، ثُمَّ قُلْت: تدخل اليوم؟ فَقَالَ: نعم , فقدمت إِلَيْهِ كسرا يابسة كانت لنا فأكل , وَقَالَ: إِذَا قدمت إِلَى فَقِير شَيْئًا فقدم إِلَيْهِ مثل هَذَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015