وَقَالَ مطرف بْن الشخير: إِذَا أراد أحدكم منى حاجة فليرفعها فِي رقعة فإني أكره أَن أري فِي وجهه ذل الحاجة، قيل: أراد رجل أَن يضاد عَبْد اللَّهِ بْن الْعَبَّاس فأتى وجوه البلد وَقَالَ لَهُمْ: يَقُول لكم ابْن الْعَبَّاس: تغدوا عندي اليوم فأتوه فملأوا الدار فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فأخبر الْخَبَر فأمر بشراء الفواكه فِي الوقت وأمر بالخبز والطبيخ وأصلح أمرا فلما فرغوا قَالَ لوكلائه: أموجود لنا كُل يَوْم هَذَا؟ فَقَالُوا: نعم فَقَالَ: فليتغد هَؤُلاءِ كلهم عندنا كُل يَوْم.
سمعت الشيخ أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُول: كَانَ الأستاذ أَبُو سهل الصعلوكي يتوضأ يوما فِي صحن داره فدخل إِلَيْهِ إِنْسَان وسأله شَيْئًا من الدنيا وَلَمْ يحضره شَيْء فَقَالَ: اصبر حَتَّى أفرغ فصبر فلما فرغ قَالَ: خذ القمقمة واخرج، فأخذها وخرج ثُمَّ صبر حَتَّى علم أَنَّهُ بَعْد فصاح وَقَالَ: دَخَلَ إِنْسَان وأخذ القمقمة فمشوا خلفه فلم يدركوه وإنما فعل ذَلِكَ لأن أهل المنزل كَانُوا يلومونه عَلَى كثرة البذل.
وسمعته يَقُول: وهب الأستاذ أَبُو سهل جبته من إِنْسَان من الشتاء وَكَانَ يلبس جبة النِّسَاء حِينَ يخرج إِلَى التدريس إذ لَمْ يكن لَهُ جبة أُخْرَى، فقدم الوفد المعروفون من فارس فيهم من كُل نوع إمام من الْفُقَهَاء والمتكلمين والنحويين فأرسل إِلَيْهِ صاحب الجيش أَبُو الْحَسَنِ وأمره بأن يركب للاستقبال فلبس دراعه فَوْقَ تلك الجبة الَّتِي للنساء وركب فَقَالَ: صاحب الجيش إنه يستخف بي إمام البلد يركب فِي جبة النِّسَاء ثُمَّ إنه ناظرهم أجمعين فظهر كلامه عَلَى كَلام جميعهم فِي كُل فن.
وسمعته يَقُول: لَمْ يناول الأستاذ أَبُو سهل أحدا شَيْئًا بيده وَكَانَ يطرحه عَلَى الأَرْض ليأخذه الآخذ من الأَرْض:، وَكَانَ يَقُول: الدنيا أقل خطرا من أَن أرى لأجلها يدي فَوْقَ يد أحد، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اليد العليا خير من اليد السفلى وقيل: كَانَ أَبُو مرثد عَلِي رَحِمَهُ اللَّهُ أحد الكرام فمدحه بَعْض الشعراء فَقَالَ: مَا عندي مَا أعطيك ولكن قدمني إلي الْقَاضِي وادع عَلَى عشرة آلاف درهم حَتَّى أقر لَك بِهَا ثُمَّ