قدم عَلَيْهَا شيخ فكان يتكلم عَلَيْنَا فِي هَذَا الشأن بكلام حسن وَكَانَ عذب اللسان جيد الخاطر فَقَالَ لنا فِي بَعْض كلامه: كُل مَا وقع لكم فِي خاطركم فقولوه لي فوقع فِي قلبي أَنَّهُ يهودي وَكَانَ الخاطر يقوى ولا يزول فذكرت ذَلِكَ للجريري فكبر عَلَيْهِ ذَلِكَ فَقُلْتُ: لابد أَن أخبر الرجل بِذَلِكَ فَقُلْتُ لَهُ: تقول لنا مَا وقع لكم فِي خاطركم فقولوه لي إنه يقع لي أنك يهودي فأطرق ساعة ثُمَّ رفع رأسه فَقَالَ: صدقت أشهد أَن لا اللَّه إلا اللَّه وأشهد أَن محمدا رَسُول اللَّهِ وَقَالَ: قَدْ مارست جَمِيع المذاهب وكنت أقول إِن كَانَ مَعَ قوم مِنْهُم شَيْء فمع هَؤُلاءِ فداخلتكم لأختبركم فأنتم عَلَى الحق وحسن إسلامه.
ويحكى عَنِ الجنيد أَنَّهُ كَانَ يَقُول لَهُ السري تكلم عَلَى النَّاس فَقَالَ الجنيد: وَكَانَ فِي قلبي حشمة من الْكَلام عَلَى النَّاس فإني كنت أتهم نفسي فِي استحقاق ذَلِكَ فرأيت ليلة النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المنام وكانت ليلة جمعة فَقَالَ لي: تكلم عَلَى النَّاس فانتبهت وأتيت بَاب السري قبل أَن أصبح فدققت عَلَيْهِ الباب فَقَالَ: لَمْ ليلة جمعة فَقَالَ لي: فَقَالَ: لَمْ تصدقنا حَتَّى قيل لَك فقعد لِلنَّاسِ فِي الجامع بالغد فانتشر فِي النَّاس أَن الجنيد قعد يتكلم عَلَى النَّاس فوقف عَلَيْهِ غلام نصراني متنكرا وَقَالَ لَهُ: أيها الشيخ ما معنى قَوْل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتقوا فراسة المؤمن فَإِن المؤمن ينظر بنور اللَّه تَعَالَى فأطرق الجنيد ثُمَّ رفع رأسه وَقَالَ أسلم فَقَدْ حان وقت إسلامك فأسلم الغلام.