فقيل لَهُ كَيْفَ هُوَ فَقَالَ: لما حملت إِلَى الخليفة فيما نسب إِلَى من الزندقة رأيت سقاء عَلَيْهِ عمامة وَهُوَ مترد بمنديل مصري وبيده كيزان خزف رقاق فَقُلْتُ: هَذَا ساقى السلطان فَقَالُوا: لا هَذَا ساقي العامة فأخذت الكوز وشربت وقلت لمن معى أعطه دِينَار فلم يأخذ وَقَالَ: أَنْتَ أسير وليس من الفتوة أَن نأخذ منك شَيْئًا وقيل: لَيْسَ من الفتوة أَن تربح عَلَى صديقك قاله بَعْض أصدقائنا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَكَانَ فتى يسمى أَحْمَد بْن سهل التاجر وَقَد اشتريت منه خرقة بياض فأخذ الثمن رأس ماله فَقُلْتُ: ألا تأخذ ربحا فَقَالَ: أما الثمن فآخذه ولا أحملك منه لأنه لَيْسَ لَهُ من الخطر مَا أتخلق بِهِ معك ولكن لا آخذ الربح إذ لَيْسَ من الفتوة أَن تربح عَلَى صديقك.

وقيل: خرج إِنْسَان يدعى الفتوة من نيسابور إلى نسا فاستضافه رجل ومعه جَمَاعَة من الفتيان، فلما فرغوا من الطعام خرجت جارية تصب الماء عَلَى أيديهم فانقبض النَّيْسَابُورِيّ عَن غسل اليد وَقَالَ: لَيْسَ من الفتوة أَن تصب النسوان الماء على أيدي الرجال.

فَقَالَ واحد مِنْهُم: أنا منذ سنين أدخل هذه الدار لَمْ أعلم أَن امْرَأَة تصب الماء عَلَى أيدينا أم رجلا.

سمعت منصورا المغربي يَقُول: أراد واحد أَن يمتحن نوحا العيار النَّيْسَابُورِيّ فباع منه جارية فِي زي غلام وشرط أَنَّهُ غلام وكانت وضيئة الوجه فاشتراها نوح عَلَى أَنَّهَا غلام ولبثت عنده شهورا كثيرة، فقيل للجارية هل علم أنك جارية؟ فَقَالَتْ: لا إنه مَا مسني ويتوهم أني غلام وقيل: إِن بَعْض الشطار طلب منه تسليم غلام كَانَ يخدمه إِلَى السلطان فأبي فضرب ألف سوط فلم يسلم فاتفق أَنَّهُ احتلم تلك الليلة وَكَانَ بردا شديدا فلما أصبح اغتسل بالماء البارد فقيل لَهُ خاطرت بروحك فَقَالَ: استحييت من اللَّه تَعَالَى أَن أصبر عَلَى ضرب ألف سوط لأجل مخلوق ولا أصبر عَلَى مقاساة برد الاغتسال لأجله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015