فأما من توهم أَن العبد يسلم لَهُ أَن يخلع وقتا عذار العبودية ويحيد بلحظة عَن حد الأمر والنهي وَهُوَ مميز فِي دار التكليف فذلك أنسلاخ من الدين قَالَ اللَّه سبحانه لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 99] يَعْنِي الأجل وعليه أجمع المفسرون وأن الَّذِي أشار إِلَيْهِ الْقَوْم من الحرية هُوَ أَن لا يَكُون العبد بقلبه تَحْتَ رق شَيْء من المخلوقات لا من أعراض الدنيا ولا من أعراض الآخرة فيكون فرد الفرد لَمْ يسترقه عاجل دنيا ولا حاصل هوى ولا آجل منى ولا سؤال ولا قصد ولا أرب ولا حظ وقيل للشبلي: ألا تعلم أَنَّهُ رحمن فَقَالَ: بلى ولكن منذ عرفت رحمته مَا سألته أَن يرحمني ومقام الحرية عزيز.
سمعت الشيخ أبا عَلِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُول كَانَ أَبُو الْعَبَّاس السياري يَقُول: لو صحت صلاة بغير قرآن لصحت بِهَذَا الْبَيْت: أتمنى عَلَى الزَّمَان محالا أَن ترى مقلتاي طلعة حر وَأَمَّا أقاويل المشايخ فِي الحرية فَقَالَ الْحُسَيْن بْن مَنْصُور من أراد الحرية فليصل العبودية.
وسئل الجنيد عمن لَمْ يبق عَلَيْهِ من الدنيا إلا مقدار مص نواة فَقَالَ: المكاتب عَبْد مَا بقي عَلَيْهِ درهم.
سمعت الشيخ أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي يَقُول: سمعت أبا بَكْر الرازي يَقُول: سمعت أبا عُمَر الأنماطي يَقُول: سمعت الجنيد يَقُول إنك لا تصل إِلَى صريح الحرية وعليك من حقيقة عبوديته بقية وَقَالَ بشر الحافي: من أراد أَن يذوق طعم الحرية ويستريح من العبودية فليطهر السريرة بينه وبين اللَّه تَعَالَى وَقَالَ الْحُسَيْن بْن مَنْصُور إِذَا استوفى العبد مقامات العبودية كلها يصير حرا من تعب