وَقَالَ أَبُو القاسم الحكيم قَوْله تَعَالَى: {وَاصْبِرْ} [النحل: 127] أمر بالعبادة وقوله تَعَالَى: {وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ} [النحل: 127] عبودية فمن ترقى من درجة لَك إِلَى درجة بك فَقَد انتقل من درجة العبادة إِلَى درجة العبودية قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بك أحيا وبك أموت.
سمعت الشيخ أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي يَقُول: سمعت أبا جَعْفَر الرازي يَقُول: سمعت عياشا يَقُول: سمعت أَحْمَد يَقُول: سألت أبا سُلَيْمَان عَنِ الصبر فَقَالَ: والله مَا نصبر عَلَى مَا نحب فكيف عَلَى مَا نكره وَقَالَ ذو النون: الصبر التباعد عَنِ المخالفات والسكون عِنْدَ تجرع غصص البلية وإظهار الغنى مَعَ حلول الفقر بساحات المعيشة وَقَالَ ابْن عَطَاء: الصبر الوقوف مَعَ البلاء بحسن الأدب وقيل: هُوَ الفناء فِي البلوى بلا ظهور شكوى وَقَالَ أَبُو عُثْمَان: الصبار الذي عود نَفْسه الهجوم عَلَى المكاره وقيل: الصبر المقام مَعَ البلاء بحسن الصحبة كالمقام مَعَ العافية وَقَالَ أَبُو عُثْمَان أَحْسَن الجزاء عَلَى عُبَادَة الجزاء عَلَى الصبر ولا جزاء فوقه قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 96] وَقَالَ عَمْرو بْن عُثْمَان: الصبر هُوَ الثبات مَعَ اللَّه تَعَالَى وتلقى بلائه بالرحب والدعة وَقَالَ الخواص: الصبر الثبات عَلَى أحكام الكتاب والسنة وَقَالَ يَحْيَي بْن معاذ صبر المحبين أشد من صبر الزاهدين واعجبا كَيْفَ يصبرون وأنشدوا:
الصبر يجمل فِي المواطن كلها ... إلا عليك فَإِنَّهُ لا يجمل
وَقَالَ رويم: الصبر ترك الشكوى،