وَقَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: مَنْ خَشَعَ قَلْبُهُ لَمْ يَقْرَبْ مِنْهُ الشَّيْطَانُ، وَقِيلَ: مِنْ عَلامَاتِ الْخُشُوعِ لِلْعَبْدِ أَنَّهُ إِذَا أُغْضِبَ أَوْ خُولِفَ أَوْ رُدَّ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ ذَلِكَ بِالْقُبُولِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: خُشُوعُ الْقَلْبِ قَيْدُ الْعُيُونِ عَنِ النَّظَرِ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ التِّرْمِذِيُّ: الْخَاشِعُ مَنْ خَمَدَتْ نِيرَانُ شَهْوَتِهِ وَسَكَنَ دُخَانَ صَدْرِهِ وَأَشْرَقَ نُورُ التَّعْظِيمِ فِِي قَلْبِهِ فَمَاتَتْ شَهْوَتُهُ وَحَي قَلْبُهُ فَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: الْخُشُوعُ الْخَوْفُ الدَّائِمُ اللازِمُ لِلْقَلْبِ، وَسُئِلَ الْجُنَيْدُ عَنِ الْخُشُوعِ فَقَالَ: تَذَلُّلُ الْقُلُوبِ لِعَلامِ الْغُيُوبِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: 63] سَمِعْتُ الأُسْتَاذَ أَبَا عَلِيٍّ الدَّقَّاقَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ مَا مَعْنَاهُ: مُتَوَاضِعِينَ مُتَخَاشِعِينَ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ هُمُ الَّذِينَ لا يَسْتَحْسِنُونَ شِسْعَ نِعَالِهِمْ إِذَا مَشَوْا، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْخُشُوعَ مَحِلُّهُ الْقَلْبُ، وَرَأَى بَعْضُهُمْ رَجُلا مُنْقَبِضَ الظَّاهِرِ مُنْكَسِرَ الشَّاهِدِ قَدْ زَوَى مَنْكِبَيْهِ فَقَالَ: يا فُلانُ الْخُشُوعُ هَهُنَا وَأَشَارَ إِلَى صَدْرِهِ لا هَهُنَا وَأَشَارَ إِلَى مَنْكِبَيْهِ.

وَرُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلا يَعْبَثُ فِي صَلاتِهِ بِلِحْيَتِهِ فَقَالَ: لَوْ خَشَعَ قَلْبُ هَذَا لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ، وَقِيلَ: شَرْطُ الْخُشُوعِ فِي الصَّلاةِ أَنْ لا يَعْرِفَ مَنْ عَلَى شِمَالِهِ.

قَالَ الأُسْتَاذُ الإِمَامُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: الْخُشُوعُ إِطْرَاقُ السَّرِيرَةِ بِشَرْطِ الأَدَبِ بِمَشْهَدِ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ.

وَيُقَالُ: الْخُشُوعُ ذُبُولٌ يَرِدُ عَلَى الْقَلْبِ عِنْدَ اطِّلاعِ الرَّبِّ، وَيُقَالُ: الْخُشُوعُ ذَوَبَانُ الْقَلْبِ وَانْخِنَاسِهِ عِنْدَ سُلْطَانِ الْحَقِيقَةِ، وَيُقَالُ: الْخُشُوعُ مُقَدِّمَاتُ غَلَبَاتِ الْهَيْبَةِ، وَيُقَالُ: الْخُشُوعُ قَشْعَرِيرَةٌ تَرِدُ عَلَى الْقَلْبِ بَغْتَةً عِنْدَ مُفَاجَأَةِ كَشْفِ الْحَقِيقَةِ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015