وَقَالَ أَبُو سَعِيد الْقُرَشِيّ بكاء الحزن يعمى وبكاء الشوق يعشى البصر ولا يعمى قَالَ اللَّه تَعَالَى: {وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} [يوسف: 84] وَقَالَ ابْن خفيف الحزن حصر النفس عَنِ النهوض فِي الطرب وسمعت رابعة العدوية رجلا يَقُول واحزناه فَقَالَتْ قل واقلة حزناه لو كنت محزونا لَمْ يتهيأ لَك أَن تتنفس وَقَالَ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة لو أَن محزونا بكى فِي أمة لرحم اللَّه تَعَالَى تلك الأمة ببكائه وَكَانَ دَاوُد الطائي الغالب عَلَيْهِ الحزن وَكَانَ يَقُول بالليل إلهي همك عطل عَلِي الهموم وحال بيني وبين الرقاد وَكَانَ يَقُول كَيْفَ يتسلى من الحزن من تتجدد عَلَيْهِ المصائب فِي كُل وقت وقيل: الحزن يمنع من الطعام والخوف يمنع من الذنوب وسئل بَعْضهم بم يستدل عَلَى حزن الرجل فَقَالَ: بكثرة أنينه.
وَقَالَ سرى السقطي وددت أَن حزن كُل النَّاس ألقى عَلَى وتكلم النَّاس فِي الحزن فكلهم قَالُوا إِنَّمَا يحمد حزن الآخرة وَأَمَّا حزن الدنيا فغير محمود إلا أبا عُثْمَان الحيري فَإِنَّهُ قَالَ الحزن بكل وجه فضيلة وزيادة للمؤمن مَا لَمْ يكن بسبب معصية لأنه إِن لَمْ يوجب تخصيصا فَإِنَّهُ يوجب تمحيصا.
وعن بَعْض المشايخ أَنَّهُ كَانَ إِذَا سافر واحد من أَصْحَابه يَقُول لَهُ إِن رأيت محزونا فأقرئه منى السَّلام.
سمعت الأستاذ أبا عَلِيّ الدقاق يَقُول كَانَ بَعْضهم يَقُول للشمس عِنْدَ غروبها هل طلعت اليوم عَلَى محزون.
وَكَانَ الْحَسَن البصري لا يراه أحد إلا ظن أَنَّهُ حَدِيث عهد بمصيبة