وقيل: لما ظهر عَلَى إبليس مَا ظهر طفق جبريل وميكائيل عليهما السَّلام يبكيان زمانا طويلا فأوحى اللَّه تَعَالَى إليهما مالكما تبكيان كُل هَذَا البكاء فقالا يا رب لا نأمن مكرك فَقَالَ اللَّه تَعَالَى: هكذا كونا لا تأمنا مكري ويحكى عَنِ السري السقطي، أَنَّهُ قَالَ: إني لأنظر إِلَى أنفي فِي اليوم كَذَا مرة مخافة أَن يَكُون قَد اسود لما أخافه من العقوبة.

وَقَالَ أَبُو حفص منذ أربعين سنة اعتقادي فِي نفسي أَن اللَّه تَعَالَى ينظر إِلَى نظر السخط وأعمالي تَدُل عَلَى ذَلِكَ.

وَقَالَ حاتم الأصم لا تغتر بموضع صَالِح فلا فِي مكان أصلح من الْجَنَّة فلقي آدم عَلَيْهِ السَّلام فِيهَا مَا لقي ولا تغتر بكثرة العبادة فَإِن إبليس بَعْد طول تعبده لقي مَا لقي ولا تغتر بكثرة العلم فَإِن بلعام كَانَ يحسن اسم اللَّه الأعظم فانظر ماذا لقي ولا تغتر برؤية الصالحين فلا شخص أكبر قدرا من المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ ينتفع بلقائه أقاربه أو أعداؤه وخرج ابْن المبارك يوما عَلَى أَصْحَابه فَقَالَ: إني قَد اجترأت البارحة عَلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ سألته الْجَنَّة وقيل: خرج عيسى عَلَيْهِ السَّلام ومعه صَالِح من صالحي بني إسرائيل فتبعهما رجل خاطئ مشهور بالفسق فيهم فقعد منتبذا عَنْهُمَا منكسرا فدعا اللَّه سبحانه وَقَالَ اللَّهُمَّ اغفر لي ودعا هَذَا الصالح وَقَالَ اللَّهُمَّ لا تجمع غدا بيني وبين ذَلِكَ العاصي فأوحى اللَّه تَعَالَى إِلَى عيسى عَلَيْهِ السَّلام إني قَد استجبت دعاءهما جميعا رددت ذَلِكَ الصالح وغفرت لِذَلِكَ المجرم.

وَقَالَ ذو النون الْمِصْرِي قُلْت لعليم: لَمْ سميت مجنونا قَالَ لما طال حبسى عَنْهُ صرت مجنونا لخوف فراقه وَفِي معناه أنشدوا:

لو أَن مَا بي عَلَى صخر لأنحله ... فكيف يحمله خلق من الطين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015